ترى عندما نشاهد إنساناً يسخر من إنسان..
يقول عنه: بدوي.. صعيدي.. حوطي..
وكلامه يقطر عنصرية مقيتة..
من يا ترى نحتقر؟!..
* * *
كلنا تابعنا ما يجري مع أهالي قرية العيص.. التي تهددها الزلازل..
وما تم بشأن إخلائهم.. وإيوائهم في المدن القريبة..
ومنح كل عائلة شقة سكنية مؤقتة حتى تزول الأزمة..
ومن الطبيعي أن تحصل أخطاء.. خصوصاً وأن بلادنا آمنة.. وغير معتادة على هذا النوع من المخاطر..
فمنها ما حصل من إشكالات مع من هو متزوج بأكثر من واحدة..
حيث أن نظام الإيواء يمنح كل شخص شقة بناء على دفتر العائلة.. مما اضطر من هو متزوج بأكثر من واحدة بإسكان جميع زوجاته في هذه الشقة الواحدة..
وبالطبع نتج عن ذلك مشاكل كثيرة.. تداركتها الجهات المعنية بعد تنبهها لهذه الحالات.. بمنح المعدّد شقتين أو ثلاثة بجوار بعضهم.. حسب عدد زوجاته..
هذه الأخطاء متوقعة.. نظراً لقلة الخبرة..
ولكن.. أن تقع أخطاء تضرب في صميم أخلاقنا.. وإنسانيتنا..
فهذا يعني أن مشكلتنا أكبر مما نتصور..
* * *
في جريدة الاقتصادية.. ورد خبر عن أحد أهالي العيص.. الذي أخذ ماشيته معه إلى المدينة المنورة.. حيث تقرر إيواءه هو وعائلته..
ويبدو أنه بدوره تفاجأ بعدم وجود مأوى لماشيته.. فدخل في مناقشات مع أصحاب الشقق.. والمسؤولين..
الخبر ذكر أن هذه الحالة “قوبلت من المسؤولين عن توزيع الشقق بنوع من الفكاهة”..
وحينما تصعد الموضوع.. ووصل إلى مدير إدارة الدفاع المدني في المدينة المنورة.. ذكر المدير أن “طلب المسن جاء وفقاً لبيئته السابقة”..
وما يزعج أكثر وأكثر.. أن الجريدة ذكرت الخبر بدون تعليق.. يغلب عليه نشر الخبر لأجل طرافته.. وليس في محاولة للانتصار لهذا المسن المسكين.. كما هو المتوقع من دور الصحافة..
رجل مسن.. لديه قطيع من الأغنام.. تعتبر ثروته.. طلبوا منه إخلاء منزله.. فذهب وأخذ معه “حلاله”.. ليفاجأ بأنه لا يتمكن من ذلك.. بل والأدهى أن الناس.. والمسؤولين.. أخذوا يسخرون منه..
وصحافتنا.. نقلت المشهد.. لطرافته!..
ترى.. هل يريدون من هذا المسن.. أن يترك قطيعه في العيص.. ليواجه الفناء بلا رعاية.. بينما هو في (المنفى الإجباري) في المدينة المنورة؟
هل اختفت ضمائرنا ونحن نستخدم حادثة هذا المسن الذي يريد الحفاظ على ثروته البسيطة.. لنأخذ منها مادة للتندر؟
ثم.. كيف يمر تصريح مسؤول رفيع عندما يقول عن هذا المسن بأنه يتصرف بناء على “بيئته السابقة” مرور الكرام؟.. هل يعني أنهم سيوطنونهم في المدينة للأبد ولن يعيدوهم إلى قريتهم؟ إلى موطنهم؟
ألا يتضمن هذا احتقاراً مبطناً لكل من يعيش في القرى والأرياف؟
ثم.. أين الحل أيها المسؤول؟..
* * *
أيها المسّن.. لا عزاء لك فيمن لسان حاله يقول:
“غنم؟!.. هه!.. طرّار ويتشرط!”..
* مقال نشر في المفكرة الإعلامية
Wesam EL-bahyan
26 جوان 2011 at 5:20 م
كل الحقائق تمر بثلاث مراحل: الأولى أن تتعرض للسخرية، والثانية أن تقاوم بعنف، أما الثالثة فأن يتم اعتبارها من المسلمات
(آرثر شوبنهاور .. فيلسوف ألمـأني)
Mia
30 جوان 2011 at 3:25 م
بصراحة وبلا زعل …
أنا متفاجئة فيك…
ما كنت متوقعتك هيك !!!
انو كتير انساني … بعيد عن تمسيح الجوخ واحسسته اعتذار لرجل لن يقرأ هذا المقال و ربما لن يعرف به …
ولكن اعتذار لذنب لم تقترفه انت …سوى انك في هذا العالم الذي يعتبر نفسه متحضرا ومن هو قادم من مناطق اخرى هم اناس لاكرامة لهم
كتير حبيت