RSS

علموا أولادنا الوشاية، والأنانية.. والاستهتار بالمعلم!

11 أكتوبر

ابني فيصل أصبح في الصف الأول الابتدائي..

كنت قد اخترت له مدرسة أهلية بناء على العديد من العوامل.. منها سمعة المدرسة.. وقربها نسبياً من المنزل.. وقوة مُدرسّي الصف الأول..

وفيصل يحب المدرسة جداً.. كان قد درس المرحلة التمهيدية.. وتآلف مع جو المدرسة.. ولذلك فإن بداية العام الدراسي بالنسبة تعني له الكثير..

***

في الأسبوع التمهيدي والذي يتواجد فيه الآباء عادة مع أبنائهم.. عرفت أن المعلّم الذي أتينا لأجله قد تغيب لإجراء عملية جراحية.. وسيغيب الفصل الأول بأكمله.. شفاه الله وعافاه.. وبالتالي فقد كان هناك مُعلمَين اثنين للصف الأول.. أحدهما أربعيني.. لطيف مع الأولاد.. أما الآخر.. وهو ستيني على ما يبدو.. فعصبيته واضحة إلى حد أنه كان يعامل الأطفال بطريقة فجة في الأسبوع التمهيدي الذي يفترض أن يكون لتحبيب الأطفال في المدرسة..

وحينما انتهى الأسبوع التمهيدي وزعوا الأطفال على فصلين.. وكان من نصيب ابني أن يكون عند المعلّم الثاني.. المعلّم العصبي.. كما أنهم عند التوزيع وضعوا أغلب من يبدو عليه أنه مشاغب عند المعلّم الثاني..

أي أنه وبعد أن انتقيت له مدرسة توسمت أنها ممتازة.. كان نصيبه أن يكون في فصل له معلّم لا يطيق التعامل مع الأطفال.. ومع رفاق لا يفترض أن يكون معهم..

***

عزمت أن أذهب إلى المدرسة وأطلب نقل ابني من هذا الصف.. ولكن ابني بدا سعيداً جداً هناك.. وأحب المعلّم كثيراً.. فتريثت..

ولكن.. وبعد أسبوعين.. بدا ابني يشتكي.. يشتكي من الطلاب الذي يضايقونه.. ويشتكي من المعلّم الذي ضربه حتى الآن مرتين!..

حينها قررت أن أذهب وأطلب نقله..

***

دخلت على الوكيل الذي قابلني بترحاب زائد استغربت منه.. قلت له أنني أريد أن أنقل ابني من فصله.. سألني عن السبب فذكرت له أنه غير منسجم مع طلاب فصله.. ولسبب في نفسي لم أتكلم عن المعلّم لأنني توقعت أن موضوع الطلاب كاف بحد ذاته، ولأن المدرس قد يدرس ابني مرة أخرى ولا أريد أن أكسر علاقة ما منذ البداية..

أخذ الوكيل يسأل عن طبيعة المضايقة.. وقال أن من حقه أن يعرف كيف تسير الأمور في الفصول حتى يتجنبوا أي مشاكل قد تحدث مستقبلاً.. ثم خرج من مكتبه وعاد ومعه ابني.. أجلسه أمامه.. وبدأ معه جلسة تحقيق: “من الذي ضايقك يا ابني؟.. قول ولا تخاف..”..

كان ابني متفاجئاً من الموقف.. لأول مرة يكون في كرسي استجواب بهذا الشكل..

وبعد إلحاح من الوكيل.. نطق ابني باسم طالب.. سأله الوكيل ماذا فعل له هذا الطالب.. قال ابني أنه يقول كلاماً بذيئاً..

على الفور.. نهض الوكيل وأخذ معه فيصل.. وطلب مني أن أحضر معه.. وتوجه إلى الفصل..

توقعت أن يقوم الوكيل بسحب ذلك الطالب خارج الفصل.. ويواجهه مع فيصل.. ويحاول أن يحل الموضوع بطريقة معينة..

ولكن.. حصلت الأمور بطريقة مختلفة..

وصادمة!..

***

دخل الوكيل الفصل ومعه فيصل.. ووقفت أنا عند الباب..

وقف أمام الطلاب.. وتحول فجأة إلى وحش كاسر.. أخذ يصرخ في الطلاب يسأل عن اسم الطالب الذي نطق به ابني.. شعر الطلاب كلهم بخوف شديد.. بما فيهم الطالب المذكور الذي لم يدر ماذا يفعل من خوفه..

وكان لذلك الطالب أخ توأم يجلس بجانبه.. التفت الوكيل إلى أخيه وصرخ فيه طالباً أن يتقدم إليه.. وقال له: “أنت فلان؟”.. فأشار الطالب إلى أخيه.. فصرخ الوكيل في الأخ أن يتقدم أيضاً..

أخذ الوكيل عصا كبيرة تفاجأت بوجودها في الفصل.. ووقف أمام الطالبين التوأم.. وأخذ يصرخ فيهما بشكل غير معقول ومع كل صرخة يضرب بعصاه على الطاولة التي بجوارهما بقوة ليرهبهما ويرهب كل من بالفصل..

تطاير الكلام من فمه بشكل سريع وغاضب وهو يرمي بتهديدات غريبة عجيبة.. منها :”والله لو قربتوا على فيصل مرة ثانية راح أعطيكم ملفاتكم وأرميكم في الشارع”!..

الموضوع أصبح لا يطاق بالفعل.. وأنا مصدوم من هذا المشهد.. والتوأم يقفان في دهشة وأحدهما على وشك البكاء.. حينها تدخل المعلّم وأمرهما بأن يعودا إلى مكانهما.. وحينما عادا لحق بهما الوكيل ليعطيهما دُشّاً نارياً آخر..

ثم التفت الوكيل إلى بقية الطلاب وصرخ فيهم: “والله اللي راح يقرب على فيصل يا ويله”..

ثم خرج..

***

وقفت مذهولاً أمام ما حصل..

أخذت أتكلم مع عموم الطلاب محاولاً تهدئة الأمور.. ولكن المعلّم أخذ يتكلم معهم بنفس منطق الوكيل: “ما أحد يقرب على فيصل يا أولاد.. اللي حيقرب على فيصل يا ويله”!..

***

وعدني الوكيل بأنه سيتابع ابني شخصياً.. وأنه إذا استمر يشكو من فصله فسينقله إلى الفصل الآخر..

***

وخرجت من المدرسة وأنا غير مصدق أن يحصل هذا في مؤسسة تربوية تعليمية.. يفترض منها أن تخاطب الطلاب بما يناسبهم.. وأن تتعامل معهم بطرق تربوية أصيلة..

كان من الواضح أن غرض المدرسة هو إرضاء ولي الأمر.. الذي هو أنا في هذا الموقف.. وأنا على يقين من أن والد التوأم المذكور لو أتى في اليوم التالي فسيتلقى ابني عاصفة نارية معاكسة من الوكيل إرضاء لذلك الأب.. والضحية.. هم كل من بذلك الفصل.. سواء كان له دور أو كان متفرجاً على هذه المهزلة!

وبدل أن يتم نقل ابني إلى فصل آخر.. فقد قامت المدرسة مشكورة ذلك اليوم بزرع أول بذرة في ابني ليكون واشياً.. أنانياً.. ويكسب كراهية زملائه في الفصل..

والمشكلة الأكبر التي لم أكتشفها إلا لاحقاً.. هو اعتقاد ابني أن أباه أقوى من المدرسة.. وأن أي شكوى منه سيأتي والده ليصلح الأمور.. وبالتالي فقد لاحظت بعد ذلك الحادثة ضعف احترام ابني للمعلمين.. وأنهم مجرد أشخاص عاديين يمكن لوالده (السوبرمان) أن يمسحهم من الوجود بمجرد تشريفه للمدرسة..

كنت أنوي بالفعل أن أعود لأنقله من فصله.. أو لأنقله من مدرسته كلها بعد أن تفاجأت أن الهرم التعليمي عندهم مقلوب ومنخور.. ولكن بعد أن لاحظت هذا الاستهتار من ابني تجاه المعلمين توقفت عن ذلك.. حيث أن أي خطوة من هذا النوع ستدعم هذا الخلق السيء لديه.. وتعزز من قناعته بأن المعلّم ليس له أي قيمة.. والمدرسة ليس لها أي احترام.. مما قد ينعكس على مستقبل شخصيته في الاستهتار بأي كبير..

مأزق تربوي خطير.. أليس كذلك؟!

 
7 تعليقات

Posted by في 11 أكتوبر 2012 بوصة مقالات, طفولة

 

7 responses to “علموا أولادنا الوشاية، والأنانية.. والاستهتار بالمعلم!

  1. مساعد الرمان

    11 أكتوبر 2012 at 4:19 م

    السلام عليكم
    والله موقف يدل على سوء فهم المعلم والوكيل والمدير لكيفية التعامل مع هالمواقف..الاسلوب الارتجالي المبني على “العصبيه” هو اسلوب اشربناه منذ صغرنا وتعلمناه حتى اصبحنا نعتقد انا هذا الأسلوب هو اسلوب التربية الصحيحة. لهذا فمصطلح الاسلوب “التربوي” لم ار له تجسيدا حقيقياىولا اعتقد انه خرج من الكتب ليطبق على الواقع والا لكنا رأينا ذلك في تعليمنا ومدارسنا..الله يصلح الحال..

     
  2. ابومشاري عبدالرحمن الدوسري

    11 أكتوبر 2012 at 11:46 م

    الحقيقه المعاشه في الوقت الحاضر تستوجب على المعلم استخدام شيئ من القوه تجاه عينات من الطلاب والذين اساؤا للمعلم وشوهوا سمعت التعليم واضاعوا هيبته حتى اصبح المعلم يخاف من الطلاب ومن كل شيئ امامه.. مانقول الا الله يرحم ايام العصا وسلامتكم ههههههههههه

     
  3. زيد الغيث

    12 أكتوبر 2012 at 1:57 ص

    فعلا مأزق تربوي خطير حين يُتعامل مع ولي الأمر كعميل والابن كسلعة والمدرسة كمصنع لانتاج أكثر عدد سلع بأقل جودة ومواصفات رديئة.

    هذا الموقف نسخة مكررة وليست حادثة.

     
  4. محمد مسعود

    12 أكتوبر 2012 at 7:54 ص

    هههههه اكثر شي عجبني عبارة “مكن لوالده (السوبرمان) أن يمسحهم من الوجود بمجرد تشريفه للمدرسة” ، ياشيخ والله ما تعلمنا في المدرسة إلا بالضرب ، صدقني ، الضرب مفيد ترى لا يغرك ، الولد اذا ماخاف من العقاب مافيه فايدة ، هكذا كنا نحل الواجبات ليس خوفا من والدينا ، والله مادرينا عنهم ، ولكن خوفنا من المدرس ، والله اني اذكر اني اذا شفت المعلم يمشي في الشارع اني اركض ركض مثل المجنون عشان ادخل البيت عشان لايشوفني ، اخاف يقول لي ليش تلعب مع انه من حقي العب ، لكن الخوف من العصى ، لكن الحمد لله ، جيلنا كان جيل احترم الدراسة والمدرسه

     
  5. wesam

    13 أكتوبر 2012 at 10:13 ص

    أطفال بالسنه الأولى بالمدرسه يتعامل معهم مدرس كبير في السن (ستيني) ليه ؟!!..
    هو هيفسحهم ويشرح صدورهم بحكاوي زمان وإلا بيدرسهم !!..

    والوكيل بما أنه ماسك عصا ماسك يمسكها من النص طيب!..
    الحين لويجي والد التوأم من حقه وبكامل الأحقية أنه يرفع شكوى لوزارة التربية والتعليم مو بس للمدير !..

    إحداثيات السجون للأطفال لها أدبيات معينه في العقوبة ما بالك بمدرسه تنمي المواهب وتبني الشخصيات …

    (عجبي) !!!

     
  6. Dr.Areej

    23 فيفري 2013 at 1:00 م

    السلام عليكم أ.فهد
    لست أنت وحدك تعاني، فلدي ولدين أحدهما في الصف الثاني والاخر في الصف الخامس، ومثلك اخترت مدرستة اولادي بعناية وقبلهما اختيهما وهم الان في الجامعة وجربت جميع مدارس الاهلية في الرياض مع البنات فلما جاء دور الاولاد قررت مع والدهما أن لا ننقلهما مهما حصل من المدرسة ولكن أن نحاول أن نعدل من المدرسة ذاتها ، ولكن للأسف القصة التي ذكرتها تكررت ، فظاهرة العنف المدرسي اللفظي والجسماني منتشر للأسف بين الطلاب والمعلمين ولا يوجد من يعاقب من جهة مسؤولة ، ومن امن العقوبة أساء الادب، فنحن ندفع مبالغ طائلة ليكون تعليم اولادنا افضل ومستقبلهم افضل ولكن للأسف لا اجد هنا في الرياض ولا مدرسة تتوفر فيها ولو معيار واحد فقط مما اتمنى لذا اتمنى لمن له تجربة ممتازه مع مدرسة بنين في الرياض أن يذكرها لي ، فأنا ووالدهم محبطين من المخرجات الحالية ولو ذكرت لك القصص التي جعلتني مداومة في المدرسة كل يوم لبكيت وضحكت وعجبت ….. وفي الاخير حزنت على مستقبل اطفالنا واجيال المستقبل.
    د.أريج عبدالله

     
  7. رندا منقارة{ماجستير علوم الإعلام}

    28 أوت 2014 at 11:53 م

    الأستاذ الكريم تحية طيبةوبعد…لم يرب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أولاده وخدامه بالضرب!أرى من الأجدى تغييرمدرسة ابنك حتى لا تتراكم الأخطاء التربوية في نفسه !أما بالنسبة لما مر به فسينساه بإذن الله بسرعة إذا أحسنت العلاج السريع ….فسياسة الترفع عنهم تضر بابنك وتطمع هؤلاء بأنهم يحسنون صنعا!! شاهد الفيديو الذي أغضب ملك الأردن شخصيا حين رأى كيف يعامل بالعنف أولاد ينفق عليهم اهلهم المال الوفير ،في مدارس تعنى بذووي الحاجات االخاصة!حقا فيديو صادم!!

     

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

 
%d مدونون معجبون بهذه: