الإرهاب والفكر المتطرف أصبح يقض مضجع العالم.. فبعد أن كانت الدول تعتمد على قوتها في حماية حدودها لتضمن أمنها الداخلي.. أتى الفكر المتطرف ليتسلل إلى العقول في الداخل عبر وسائل الاتصال المختلفة، ليصبح من أبناء هذه الدول متطرفين غير معروفين، يظهرون فجأة في حدث جلل ودموي.. وهذا ما جعل مكافحة الإرهاب وفكر التطرف على رأس أولويات الكثير من الحكومات..
ولكن، أكثر هذه الحكومات لم تلتفت بنفس الاهتمام إلى شريحة الأطفال، إما لعدم اهتمامهم بها وإدراكهم لخطورتها، أو لعدم فهمهم لها.. وهذا ينذر بأخطار مستقبلية، حيث أن الكثير ممن يعتنقون الفكر المتشدد هم من الشباب الصغار، وبعضهم لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، حيث وصل إليه هذا الفكر وهو في طور نشأته، ونمى وكبر معه حتى استولى على فكره بالكامل..
ولو أن هذا الشاب الصغير كان قد تحصن ضد هذا الفكر من صغره، لما وجد الفكر المنحرف مكاناً له عنده لينمو ويترعرع..
* * *
مؤخراً، أطلقت وزيرة التعليم البريطانية موقعاً متخصصاً في حماية الأطفال من التطرف، اسم هذا الموقع (تعليم ضد الكراهية)، وهو موجه للآباء والأمهات والمعلمين بشكل مباشر.
يقدم هذا الموقع نصائح قيمة للآباء والمعلمين في كيفية حماية الأطفال من التطرف، بدءاً من السمات المبكرة التي تظهر على الطفل وتنذر بوجود بدايات قناعات منحرفة، مروراً بكيفية التعامل معها، إضافة إلى أسس منهجية لتعليم الأطفال خطورة التطرف، وما إلى ذلك.
الموقع يعتبر lرجعاً قيماً للمعلمين والآباء والمتخصصين، وأنصح الجميع بالاطلاع عليه.
وهذا الموقع مبادرة مميزة، ولكن ينقصها الكثير.. فكان بالإمكان تقديم وسائل تعليمية شيقة يمكن للآباء والمربين استخدامها في توعية الأطفال بخطورة الفكر المتطرف، أو لعلاج بدايات الفكر المنحرف عند بعضهم، حيث أن إدراك الآباء والمربين لخطورة هذا الفكر عند الأطفال وكيفية علاجه نظريا لا يعني قدرتهم على التعامل معه بالشكل المناسب، حيث أن عقلية الطفل صعبة، وتحتاج إلى الكثير من الخبرة والمران للتعامل معها.. والأساليب المذكورة في الموقع تطلب من المربي أن يجلس ويتحاور مع الطفل بشكل مباشر، وليس كل طفل يمكن الحوار معه.
* * *
ترى، ونحن نرى خنجر الإرهاب يطعننا الطعنة تلو الأخرى، والأبرياء يتساقطون يوماً بعد يوم، ترى متى سنرى مبادرات نوعية تهتم بتحصين أطفالنا من الفكر المتطرف الذي يستهدف عقولهم الغضة؟
كلنا قرأنا الرسالة المبكية لوالد الإرهابي التويجري الذي فجر نفسه في الأحساء مؤخراً، الوالد الذي وقع خبر تفجير ابنه لنفسه وقتل الأبرياء مثل الصدمة، ترى كم من المفاجآت والصدمات يحمل لنا الزمن؟ لو كان بالإمكان تحصين ذلك الولد من صغره ضد هذا الفكر، ترى هل كان أبوه، وضحاياه، وأهاليهم، وفوق ذلك وطننا الغالي، سيعيشون مأساة مثل تلك المأساة؟
* * *
حمى الله أبناءنا.. ووطننا.. والمسلمين جميعاً.. من كل سوء..
وحمى عقول أبناءنا.. من كل فكر متسلل قذر.. لا يهنأ له بال إلا باستعباد العقول.. وحصد الأرواح..
.