أول كتاب قرأته من مجموعة الروايات السعودية المصورة كانت رواية الوسمية، قد يكون اختياراً عشوائياً، أو قد يكون بسبب لوحة الغلاف التي تعتبر الأبرز والأقوى بين هذه المجموعة من الروايات المصورة.
قوّة الغلاف أتت بشكل رئيس من صورة الوجه الكبيرة التي تصدرته، واحتلت جزءاً كبيراً منه، وللإحاطة فإن صورة الوجه الكبيرة على الغلاف هو تكنيك مهم في جعل أي غلاف قوي وشديد الجاذبية، وطالما استخدمنا هذا التكنيك في المجلات سابقاً.
عموماً.. عودة للرواية المصورة..
* * *
رواية الوسمية لمن يعرفها، هي عبارة عن مجموعة من المشاهد المختلفة لقرية من قرى الجنوب في المملكة، 13 مشهداً متتالياً، تنفصل عن بعضها بروايات مختلفة وشخصيات مختلفة، وتترابط أحياناً بترابط بعض الأحداث وظهور بعض الشخصيات، وهي من الروايات التي لا أبطال أساسيين لها، بل الكل أبطال.

أوّل ما لاحظته حينما بدأت أقرأ الرواية المصورة عكسها لبيئة الجنوب بصرياً بشكل جميل، المرتفعات، البيوت، والملابس الشعبية، مثل لبس (المقلّمة) على رأس العروس، ومن الواضح أن من أعدّ الرواية المصوّرة قد قام بعمل بحث جيد عن تفاصيل البيئة البصرية للجنوب، حيث أن الرواية الأصلية لا تحكي ذلك في تفاصيلها.
تأملوا هذه اللوحات مثلاً من مشهد العرس في الرواية.


الرسم في رأيي جميل للغاية، الرسوم مستواها راقٍ، ومناسب لهذا النوع من الروايات المصوّرة، زوايا التصوير، والتقاط مشاعر الشخصيات كانا رائعين.
ولكن.. وعودة هنا إلى الرواية الأصلية ذات الثلاثة عشر مشهداً.. وقعت الرواية المصوّرة في خطأ تنفيذي مؤثر، وهو أنها سردت المشاهد الثلاثة عشر وكأنها مشهد واحد طويل، رواية متصلة.. فدخلت المشاهد على بعضها البعض، وأصبح بالتالي من يقرأ الرواية المصوّرة لا يفهم العديد من الأحداث والمشاهد، مما جعل القصة المصوّرة تبدو غريبة، لأن الأحداث تتغير فجأة في وسط القصة (مع تغير المشهد أو الفصل).
ومع ذلك، قامت الرواية المصوّرة بالالتزام بالخط العام للرواية الأصلية، ولم تبتعد عنها، وهذا يحسب لها، ما عدا الاستعجال والاختصار الشديدين في بعض المواضع مما أسقط بعض التفاصيل المهمة أو الجميلة.
ويُحسب أيضاً للرواية المصوّرة استخدامها للنصوص الأصلية للكاتب عبدالعزيز مشري.. مما حافظ بشكل كبير على روح الرواية الأصلية.. ويمكن هنا مقارنة النص الأصلي من الرواية على اليمين، في الإطار الأحمر، بتجسيده المصور على اليسار:

* * *
ملحوظة هنا، الرواية فعلياً للكبار كما نعرف.. وبها العديد من الأحداث التي لا تصلح للصغار.. وبرزت هذه الأحداث أكثر حينما تم تحويل العمل إلى قصص مصوّرة، أحداث مثل مقتل فرحان في البئر، ودردشة الفتيان عن من أين يأتي الأطفال، وحكاية البنت التي كانت تنام مع رجل حتى حملت منه ثم انتحرت ونراه في المشهد التالي:

الإشكالية في الرواية المصوّرة أنها لم توضح على الغلاف أنها للكبار فقط.. ومن الوارد في مجتمعنا الذي تعارف أن القصص المصورة للصغار أن يتم الخلط عند بعض الصغار أو الأهالي أن هذا العمل للصغار، وبالتالي يقتنوه لأولادهم.
توضيح الفئة العمرية على الأغلفة لروايات الكبار أمر متعارف عليه عالمياً، وأعتقد أنه لا بد لهذه الرواية -وكل إصدارات الروايات السعودية المصوّرة- أن توضّح ذلك أيضاً.
* * *
تبقت نقطة أخيرة.. قد يكون من الأفضل لو وضعت الرواية في البداية تعريفاً بالشخصيات، حيث أن شخصيات الرواية كثيرة ومتعددة، وظهور بعضها قليل، أو نادر، ولا نسمع أسماءهم في الرواية أو الحوارات دائماً، لذلك لو تم وضع صورهم في البداية في صفحة تعريف، مع أسمائهم، لكانت الرواية أكثر قبولاً وفهماً من القارئ.
التعريف بالشخصيات في بدايات الروايات والقصص المصورة أمر معروف في هذه الصنعة، خصوصاً عند تعدد الشخصيات وتنوعها وكثرتها وطول القصة، ولا يلزم هنا وضع شروحات للشخصيات، بل يمكن الاكتفاء بالصور والأسماء.
* * *
في العموم.. استمتعت بهذه الرواية المصوّرة كثيراً..
نقلتني بالفعل إلى أجواء الجنوب..
بروعة الرواي الراحل عبدالعزيز مشرّي..
وروعة الرسم الذي نقل تفاصيل المكان..
وأهل المكان..

