RSS

لندعهم يتسخون!


قي إحدى زياراتنا إلى طبيب ولدي، سألت الطبيب لماذا ابني يمرض كثيراً.. لماذا أصبح يصاب بالإنفلونزا والتهاب اللوز والرشح عدة مرات في الموسم الواحد.. بينما نحن في صغرنا كنا نادراً ما نعرف هذه الأمراض؟..
أجابني: السبب واضح.. لأن عالم أطفالنا اليوم أصبح نظيفاً أكثر من اللازم!

*    *    *

عندما كنا صغاراً.. كنا نقضي أغلب وقتنا خارج المنزل..
كنا حينها نعيش في بيئات مختلفة، بيئات صحراوية، بيئات ريفية، وقروية، مليئة بالأشجار والنباتات والحيوانات والحشرات، وحتى في المدن كانت البيوت شعبية في أغلبها، تجد باحة للمنزل فيها أشجار أو نخل، وغالباً ما تتم تربية بعض الحيوانات أو الدواجن داخل المنزل.
كنا نلعب بكل شيء.. بالتراب.. بالطين.. بكل شيء.. نركض نلهو وأيادينا تمسك بكل شيء.. ونتنفس بكل حرية.. نتسلق الأشجار.. نستكشف الكائنات من حولنا من حشرات وحيوانات.. كان جزء من تسليتنا أن نلعب مع هذه الكائنات.. نحملها ونداعبها ونرميها على بعضنا البعض ونضعها في ملابس زملائنا في مقالب بريئة..
وحينما كنا نعود للمنزل.. لم يكن غسيل الأيدي عند الأكل أمراً ملحاً.. في الغالب كنا نغسل أيادينا حينما يكون هناك شيء ظاهر عليها فقط.. كالطين والقاذورات..

*    *    *

هذا النمط من الحياة أصبح يعد فلم رعب هذه الأيام!
أبناؤنا اليوم دوماً تحت المراقبة.. يقضون أغلب وقتهم في المنزل، في المدن في فلل أو شقق، في بيئة نظيفة دائماً.. وحينما يخرجون مع أهاليهم إلى الحديقة لا يسمعون إلا: “لا تلمس هذه.. إنها قذرة.. لا تلعب بالتراب.. إنه مليء بالأوساخ.. ابتعد عن تلك القطة.. تبدو مقرفة..”..
وحينما يأتي وقت الطعام.. فعليهم أن يغسلوا أياديهم جيداً.. ثم تخرج الأم من حقيبتها علبة المعقم السائل، أو المناديل المعقمة.. لتمسح بها يدي الطفل جيداً قبل الأكل.. (شكراً لإنفلونزا الخنازير!)..

*    *    *

ترى.. هل هذا حقاً ما نريده لأبنائنا؟
هل نريد أن نمنعهم تماماً من التعرض لأي بكتيريا وهم صغار.. لكيلاً يصابون بالمرض وهم في رعايتنا.. ثم ينشؤون ويكبرون ليكونوا أصحاب مناعة ضعيفة.. وأجساد هشة؟!

*    *    *

يقول بعض الخبراء بأن جهاز المناعة في الجسم مثله مثل بقية الأجهزة.. بحاجة إلى التدريب والتمرين لتصبح أقوى..
تماماً مثل العضلات، من يهتم بها ويدربها تكون عضلاته أقوى وأكثر مرونة، ومن يهملها تكون عضلاته هشة وضعيفة..
وتمرين جهاز المناعة ليس صعباً.. ولا يحتاج إلى برامج تدريبية مكلفة ومرهقة..
البرنامج التدريبي لمناعة طفلك يتلخص حسب كلام الخبراء في نقطتين: أن ندعهم يلعبون بالرمل والطين، وألا نسرف في استخدام المطهرات معهم.
لماذا الطين؟ لأنه يحوي عدداً كبيراً من الميكروبات التي قد لا توجد في بيئات أخرى، هذه الميكروبات تساعد في بناء مناعة الطفل ضد الكثير من الأمراض البسيطة المنتشرة حولنا، خصوصاً أمراض الصدر والإنفلونزا والحساسية.
لنأخذهم كثيراً للحدائق، وندعهم يلعبون بالرمل والطين والتراب كما يشاؤون، لندعهم يختلطون بالأطفال الآخرين بشكل مكثف، لندعهم يستخدمون الألعاب في الأماكن العامة..
وحينما يعودون للمنزل، غسيل اليدين العادي قد يكون كافياً.. بل إن بعض هؤلاء الخبراء ينصحون بأن نتجاوز عن غسل الأطفال لأياديهم أحياناً قبل الأكل.
كما علينا ألا نقلق كثيراً من نظافة المنزل، ليس من الضروري أن نقوم بتعقيم كل زاوية من زوايا البيت بشكل مستمر، علينا بالطبع أن نهتم بنظافة بيوتنا، ولكن لندعها طبيعية قدر الإمكان بدون الاستخدام الزائد للمنظفات والمعقمات.

*   *   *

قراراتنا حالياً هي ما تشكل مستقبل أبنائنا..
وكما أن من حق أبنائنا علينا أن نرعاهم الرعاية الصحيحة.. ونوفر لهم التعليم المناسب.. والتغذية السليمة..
فإن من حقوقهم علينا أيضاً أن نسعى لأن يكونوا دوماً بصحة وحيوية..
صغاراً.. وعندما يكبرون..

 
11 تعليق

Posted by في 10 نوفمبر 2011 بوصة مقالات, طفولة

 

ماذا نفعل ليكون الآيباد آمناً لأطفالنا؟


حينما طرحت مقالي السابق (هل الآيباد آمن لأطفالنا؟) والذي عرضت فيه كيف أن الآيباد iPad يمكن أن يشكل خطراً على أطفالنا، أتتني بعض الردود من القراء الذين تفاجؤوا بما طرحته، وذكروا بأنهم سيمنعون أبناءهم من استخدام الآيباد من الآن فصاعداً (الكلام هنا -مثل المقال السابق- ينطبق على الآيباد iPad وأخواته: الآيفون iPhone والآيبود تتش iPod Touch).

ولكنني لا أرى ذلك قراراً صحيحاً، فالمنع أثبت دائماً أنه غير مجد، فكم من أهالي منعوا أطفالهم من مشاهدة التلفاز مثلاً ليكتشفوا فيما بعد أنهم يشاهدونه عند الجيران أو عند أعمامهم أو أخوالهم، أو يمنعونهم من البلاي ستيشن ليكتشفوا أنهم يلعبون به عند معارفهم، واستخدام الأطفال “المسروق” هذا خارج المنزل لأشياء منعوا منها في المنزل يكون بنهم شديد وغالباً من دون رقابة مما يجعل الأطفال يقعون في مضار هذه الممنوعات أكثر من استفادتهم منها، في حين أنه لو توفرت هذه الأجهزة في المنزل وسمح للأطفال باستخدامها تحت رقابة ومتابعة الأهل، وتم تعليمهم بالتدريج طرق التعامل المثلى معها، عندها سنأمن عليهم أكثر خصوصاً عندما يكونون خارج المنزل وبعيداً عن أعين الأهالي

وهذا ليس السبب الوحيد لعدم تأييدي للمنع، بل لأنني أرى في هذه الأجهزة وسيلة تعليمية رائعة للأطفال يمكن استخدامها كوسيلة داعمة في تعليم وتربية وتنشئة الطفل، فالآيباد وغيره من الأجهزة تبقى مجرد وسائل يمكن تكييفها كما نريد، وعلينا أن نستحضر دائماً أن هدفنا الأسمى في تربية أطفالنا هو الطفل نفسه، بفكره وعقله صحته وأخلاقه، وهو ما يجب أن نركز عليه.

الحل يكمن في “القيود”

يبدو أن شركة أبل Apple قد أدركت منذ البداية أن انفتاح هذا الجهاز على العالم سيخالف الكثير من قوانين التعامل مع الأطفال، ولذلك وفرت خدمة “القيود” أو “Restrictions” في أجهزتها، ليتمكن الأهالي من التحكم بالآيباد كما يريدون، ووفقاً لثقافة وأخلاقيات كل مجتمع، خصوصاً وأن قوانين التعامل مع الأطفال تختلف من دولة لأخرى، بل إنها تختلف حتى بين الولايات الأمريكية نفسها.

ومن المهم استخدام القيود مع الأطفال إن كان جهاز الآيباد مخصصاً لهم، أو كانوا يقضون معه وقتاً طويلاً بعيداً عن رقابة الأهل، ولكن الكثير منا ممن لديه جهاز آيفون أو آيباد نجده يعطيه لابنه لفترات قصيرة ليلعب به بجانبه، وفي هذه الحالة ليست هناك ضرورة لاستخدام القيود طالما أن استخدام الطفل للآيباد هنا سيكون تحت نظر ولي أمره.

الاستخدام الأمثل للقيود

يمكننا الوصول للقيود بالدخول على “الإعدادات – Settings”، ثم “عام – General”، لنجد بند “القيود – Restrictions”، والتي نجدها في الأصل معطلة.

حينما ندخل على القيود سنجد صفحة بها الكثير من الأوامر ولكنها معطلة، عدا أول أمر في الأعلى والمتعلق بتفعيل القيود، مكتوب عليه “تمكين القيود – Enable Restrictions”.

نقوم باختيار تمكين القيود لتظهر لنا نافذة سريعة تطلب منا إدخال كلمة سر للقيود، وعلينا أن ندخلها مرة أخرى للتأكيد. (ملاحظة هامة: كلمة السر هذه تختلف عن كلمة السر الخاصة بفتح الآيباد نفسه لمن يستخدمها).

بعد إتمام عملية إدخال كلمة السر سنجد أن كل خيارات القيود أصبحت متاحة أمامنا.

القيود هنا مكونة عادة من أربع مجموعات بها العديد من البنود، بعض هذه البنود لا يشكل خطراً حقيقياً مثل معرفة “الموقع” وتغيير “حسابات” البريد الإلكتروني و “حذف التطبيقات”، وهذه غالباً لها علاقة برغبة الأهل.

أما البنود المهمة في صفحة القيود فهي كالتالي:

متصفح الإنترنت Safari:

الإنترنت عالم مفتوح، به الكثير من الخير والشر، واستخدام الأطفال للإنترنت لا بد وأن يتم تحت رقابة الأهل، ولذلك يقول المختصون بأنه حينما يسمح للطفل باستخدام الإنترنت على جهاز الكمبيوتر في المنزل فلا بد وأن يكون الكمبيوتر في مكان تكون شاشته ظاهرة للكل، كالصالة مثلاً، بحيث يكون الأهل على اطلاع دائم باستخدام ابنهم للإنترنت، ويحذر المختصون كثيراً من تخصيص جهاز لابتوب للطفل متصل بالإنترنت لأن هذا سيفتح له عالم الإنترنت بشكل كامل من غير رقابة.

واستخدام الإنترنت على الآيباد يخضع لنفس نظرية اللابتوب، فمن الصعب أن يكون الطفل تحت الرقابة الدائمة أثناء استخدامه للإنترنت على الآيباد.

إذن فالخيار الأمثل هنا هو تعطيل متصفح الإنترنت.

نلاحظ هنا أنه عند تعطيل متصفح الإنترنت فستختفي أيقونة المتصفح من قائمة البرامج الموجودة على الآيباد، وكأنه قد تم حذف البرنامج، وحين العودة للقيود وتمكين المتصفح سنجد أن أيقونة البرنامج ظهرت مجدداً.

اليوتيوب YouTube:

تكلمنا في المقال السابق عن مخاطر اليوتيوب، وكيف أنه يعرض مقاطع الفيديو من غير مراعاة للتصنيف العمري للمستخدم، كما أن جاذبيته الشديدة وطريقة عرضه لمقاطع الفيديو المشابهة قد تجعل الطفل يشاهد مقاطع غير مرغوب فيها ويستمر في مشاهدة مقاطع مماثلة لساعات دون أن ينتبه الأهل لذلك.

الاستخدام الأمثل هنا قطعاً هو تعطيل اليوتيوب تماماً.

الكاميرا Camera:

الكاميرا بحد ذاتها لا تشكل خطراً تربوياً على الأطفال، ولكن الخطر يأتي من استخدام الكاميرا في برامج الاتصال المرئي، الأصل هنا ألا يكون على الآيباد أي برامج للاتصال المرئي وبالتالي فلا مانع من أن تكون الكاميرا متاحة للأطفال، أما إن كان بعض الأهالي يرغبون بوجود هذه البرامج لأن الكبار يستخدمون الجهاز أحياناً فالأفضل هنا تعطيل خاصية الكاميرا.

الآيتونز iTunes:

القرار هنا متعلق بنوعية الحساب المستخدم للآيتونز، أغلب المستخدمين في السعودية يستخدمون الواجهة السعودية للآيتونز، وهنا لا أعتقد أن هناك خطراً يذكر من ترك الآيتونز على حاله، ولكن إن كان الجهاز مربوطاً بالمتجر الأمريكي أو البريطاني، وهو ما يفضله البعض لاحتوائه على مزايا أكثر، فإن هذا قد يعرض الطفل لبعض المحتوى غير المرغوب فيه، خصوصاً من البودكاست Podcast، فالأفضل هنا إغلاق هذه الخاصية.

تثبيت التطبيقات Installing Apps:

هذه الخاصية هي التي ترتبط مباشرة بمتجر البرامج، وهي الخاصية الأكثر استخداماً عادة، وأيضاً الأكثر خطورة.

الخيار هنا بلا شك هو تعطيل هذه الخاصية ليختفي متجر البرامج تماماً.

كلمة السر للشراء لا يعرفها أطفالي: لماذا لا أدع المتجر مفتوحاً لهم؟

بالفعل يرى بعض الأهالي أن يتركوا المتجر مفتوحاً للأطفال، ليتصفحوه كما يشاؤون، ويختار الأطفال البرامج التي يريدونها ثم يطلبون من والدهم أو والدتهم شراءها لهم.

قد يبدو هذا التصرف سليماً من أول نظرة، ولكن الواقع عكس ذلك، حيث أن ما يحويه المتجر من كلمات ونماذج صور للمحتوى تشكل بحد ذاتها خطورة على الأطفال، ويمكنكم مراجعة المقال السابق لمشاهدة نماذج من المتجر.

يضاف إلى ذلك أن بعض برامج الأطفال العربية منتجة من قبل شركات لها برامج أخرى للكبار، وبالتالي فإن البرامج الأخرى تظهر في صفحة برنامج الأطفال الخاص بهم، انظروا مثلا:

برنامج مغامرات السندباد، ويظهر في العمود على اليسار رابط لبرنامج نكت جنسية.

برنامج أغاني الأطفال، ويظهر في العمود على اليسار رابط لبرنامج وضعيات الجماع.

هناك خاصية تحديد عمر المستخدم: لماذا لا أخصخص المتجر على عمر طفلي وأدع المتجر مفتوحا؟

تقدم صفحة القيود خدمة تحديد عمر المستخدم لتحديد ما يظهر له من برامج في المتجر.

حينما يرى بعض الأهالي وجود خاصية تحديد عمر المستخدم في صفحة القيود يشعرون بالارتياح إليها كونها تتيح لهم -نظرياً- فتح المتجر لأطفالهم دون الخوف عليهم.

شخصياً أخالفهم الرأي، لسببين.

السبب الأول هو أن من وضع هذا التصنيف وضعه بناء على القيم الأمريكية، (يوجد مكان لتغيير القيم التي تريد حساب العمر عليها ولكنها كلها غربية ومتقاربة)، وقيمنا نحن في مجتمعاتنا العربية تختلف في عدة جوانب عن القيم الأمريكية، فمن الصعب أن نتيح لأطفالنا من هم في عمر 12 عاماً بعض المواد التي لها دلائل جنسية مثلاً.

السبب الثاني وهو الأهم: التصنيف العمري المتبع في مكتبة البرامج غير دقيق.. بل يحوي مصائب كارثية!..

تعالوا نرى سوية ماذا وجدنا في مكتبة البرامج، وبالتصفح العادي أيضاً:

برنامج Blow Work، مكتوب في وصف البرنامج أنه للكبار فقط، وأنه يحوي صوراً لبنات مثيرات، ولكنه لاحظوا ما كتب في التصنيف العمري: لأربع سنوات فما فوق!

برنامج WebCamXXX، برنامج جنسي، يتيح للمستخدم مشاهدة بنات في أوضاع جنسية، ومكتوب في وصف البرنامج في الأعلى أنه لعمر 21 سنة فما فوق، ولكن في التصنيف الرسمي هو متاح لمن هم في سن الرابعة فأعلى!

برنامج وضعيات الجماع، برنامج عربي، وهو متاح لمن هم في سن الثانية عشرة فأعلى!

ألا يكفي أن أعطل شبكة الواي فاي؟

تلاحظون أن جميع البنود التي تشكل خطراً على الطفل مرتبطة بالإنترنت، مثل متصفح الإنترنت، واليوتيوب، والشراء من المتجر، وغيرها. وبالتالي فإن غياب الإنترنت سيوقف عمل كل هذه البرامج من دون اللجوء للقيود، ولذلك فإن بعض الأهالي يلجؤون إلى فك ارتباط الآيباد بشبكة الإنترنت في منزلهم لحماية أطفالهم من هذه المخاطر.

ولكن هذا الحل لا يشكل حلاً متكاملاً، فبإمكان كلمة السر الخاصة بشبكة المنزل أن تتسرب إليه عن طريق أحد إخوته، وباستطاعته بالتالي تمكين الاتصال بالشبكة وفتح الإنترنت بكل سهولة، وأيضاً يمكنه الاتصال بشبكات الإنترنت المنزلية عندما يذهب إلى أقاربه أو معارفه.

أما خاصية القيود فإنها فعالة في أي مكان، ومن الصعب تسرب كلمة السر الخاصة بها لأنها لا تتجاوز عادة الأب أو الأم أو كليهما.

*   *   *
التقنية لن تنتظر أحداً.. ولا يمكن لأحد أن يقف في وجهها..

وقد أصبحت التقنية جزءاً أساسياً من حياتنا.. نرتكز عليها في حاجاتنا الأساسية.. ونستمتع بها في كمالياتنا..

ومن الصعب التنبو لإي درجة ستتغلغل التقنية في حياتنا وحياة أبنائنا في المستقبل.. ولكن من الواضح أنها ستكون بعمق شديد.. وبانتشار لا يمكن لأحد حصره والتحكم به..

والأفضل بلا شك.. هو من يتمكن من الدخول إلى عالم التقنية.. ومعرفة أفضل الطرق للتعامل معها.. واستغلالها لما فيه منفعته ومنفعة من حوله..

وهذا ما نريد لأطفالنا أن يكونوا عليه.. لنضمن لهم مستقبلاً أفضل..

وعالماً أجمل.. وأروع..

 
81 تعليق

Posted by في 21 جويلية 2011 بوصة تقنية, طفولة

 

هل الآيباد جهاز آمن لأطفالنا؟


ما يحدث حولنا شيء مذهل: حينما يرى أحد الأطفال جهاز آيفون مع أحد ما يطلب منه أن يلعب به قليلاً، ثم تجد الطفل وقد انغمس في هذا الجهاز، يتفاعل معه بكل أحاسيسه ومشاعره.

هذا المشهد يؤكد لنا بالفعل أن شركة أبل Apple قد نجحت من جهة بشكل مبهر في صناعة نظام تشغيل سهل جداً لدرجة أن الأطفال قادرون على التعامل معه بكل سلاسة، ونجحت من جهة أخرى في صناعة بيئة شديدة الجاذبية للأطفال، وهذا الكلام ينطبق على جهاز الآيفون iPhone، والآيبود تتش iPod Touch، والآيباد iPad.

أسمع الكثير من القصص من الناس حولي أن أبنائهم أصبحوا يفضلون اللعب بالآيباد على العديد من أجهزة اللعب الشهيرة مثل البلايستيشن والإكس بوكس والوي وحتى جهاز الكمبيوتر، وكيف أنه لو ترك لهم المجال لهجروا هذه الأجهزة الأخرى تماماً.

هذه المعلومة أصبح الناس يتناقلونها في الأغلب لحماسهم باكتشاف جهاز جديد ومبهر يمكن أن يقدموه للأطفال، إما بالسماح لهم باللعب بأجهزة الكبار، أو حتى بشرائه لهم كهدايا نجاح مثلاً، وأصبح أحياناً مدعاة للفخر بأن ابن العائلة لديه آيباد يقضي أغلب وقته معه.

ولكن، هل من المناسب أن ندع أطفالنا يلعبون بهذه الأجهزة بمطلق حريتهم؟.. هل الآيباد آمن تماماً على أطفالنا حتى ندعه بين أيديهم لساعات من دون أي رقابة؟

*   *   *

لدي قناعة تامة بأن الآيباد جهاز تعليمي رائع للأطفال، تفاعلي، يساهم كثيراً في تطوير ذكاء الطفل وقدراته، ولكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن هذا الجهاز نافذة مفتوحة على العالم، يضع أمام الطفل ما لا يمكن تخيله من برامج ومواد ترفيهية من أقصى الشرق لأقصى الغرب، من برامج تعليمية وألعاب ومعلومات ومواد عرض، منها ما يمكن للأطفال عرضه والكثير منها ما هو مخصص للكبار فقط، كما يتيح له الاتصال بملايين المستخدمين المجهولين في العالم مما قد يجعل الطفل عرضة للتحرش، والكثير من الأهالي خصوصاً في عالمنا العربي لا يدركون ذلك.

ومما نلاحظه على مجتمعاتنا أن الأطفال في الأغلب يعيشون مع التقنية أكثر من الكبار، وأن الأطفال يعرفون خبايا الأجهزة وطرق التعامل مع أنظمة التشغيل المختلفة والتغلغل في مكتبات البرامج والمحتوى أكثر من الكبار، وهذا يعني أنه من الخطأ أن يعتمد الكبير على جهل أطفاله بالتقنية ويضع هذه الأجهزة بين أيديهم ثقة منه بأنه ليس بإمكانهم تجاوز الشاشة الرئيسية والبرامج المحملة على الجهاز، فكم سمعنا من أشخاص عن دهشتهم لوجود برامج كثيرة جديدة محملة على أجهزتهم بعد أن أعطوها لأطفال لبعض الوقت، أو صفحات إنترنت مفتوحة، أو لقطات فيديو جديدة تم عرضها على أجهزتهم.

ومن القناعات الخاطئة أن المحتوى السيئ الذي لا نريد لأطفالنا الاطلاع عليه يحتاج إلى أطفال “أشرار” لديهم الرغبة في البحث عن هذا المحتوى غير المقبول ليعثروا عليه، وبالتالي يعتمد البعض على براءة أبنائهم وصغر سنهم وعدم إدراكهم، ولكن الذي لا يعرفه هؤلاء أن المحتوى السيئ يظهر أمام الأطفال سواء طلبوه أم لم يطلبوه!..

ماذا يمكن أن يجد أطفالنا في جهاز الآيباد؟

بمجرد أن يذهب الطفل إلى قسم التطبيقات، أو متجر البرامج، فإن عالماً كاملاً سيفتح أبوابه له، بخيره وشره..

سنذكر هنا مجموعة من البرامج والألعاب التي ظهرت لنا بالتصفح العادي لمكتبة البرامج، وليست بالبحث المباشر عنها.. وما نورده هنا هو مجرد نماذج بسيطة حيث أن مكتبة البرامج لدى شركة أبل تحوي كماً هائلاً من البرامج المخصصة للكبار فقط..

 في الصفحة الرئيسية للبرامج:

 برنامج: Zynga Poker، حسب بياناته فهو مخصص لمن هو فوق 12 عاماً لاحتواء البرنامج على ذكر للمشروبات الكحولية والتدخين والقمار.

 

لعبة BackStab، حسب بياناتها فهي مخصصة لعمر 12 عاماً فأعلى، لاحتواء البرنامج على ذكر للكحول، والتدخين والمخدرات، وللعنف الذي تحتويه.

في الصفحة الرئيسية لقسم الألعاب:

لعبة Elemental Wars، حسب بياناتها فهي مخصصة لعمر 12 سنة فأعلى لاحتوائها اللعبة على مواضيع جنسية.

في التصفح السريع للبرامج:

لعبة Sex Differences Puzzle، مخصصة لعمر 12 سنة فما فوق لاحتوائها على مشاهد تعري.

لعبة BATTLEFIELD: BAD COMPANY، مخصصة لعمر 12 عاماً فما فوق لاحتوائها على مشاهد عنف.

برنامج Drunk Driving Detector، مخصص لعمر 12 عاماً فأعلى لاحتوائه على ذكر للكحول والمخدرات.

لعبة Dude Test، مخصصة لعمر 17 عاماً فما فوق، لاحتوائها على مشاهد تعري ومحتوى جنسي. نلاحظ هنا أن مجرد استعراض الأطفال لمكتبة البرامج من دون الشراء قد يعرضهم لمشاهد غير مرغوبة مثل هذه اللقطة، وأكثر.

برنامج التشات الذهبي المجاني، برنامج عربي، مخصص لعمر 12 عاماً فأعلى، بسبب قائمة طويلة من المحاذير منها ذكر الكحول والتعري وغيرها. وهذا مثال على البرامج التي تتيح لأي شخص مجهول على الإنترنت التواصل مع الطفل مهما كانت أغراضه ودوافعه.

برنامج Grinder، وهو برنامج للمواعدة بين المثليين، ومخصص لعمر 17 عاماً فأعلى، والسبب واضح.

برنامج Manga Fox، مخصص لعمر 12 عاماً فأعلى، لاحتوائه على ذكر للكحول والتدخين والتعري والجنس ومواضيع للكبار، لاحظوا هنا أن صورة البرنامج هي لرسمة يابانية كرتونية، وهذه تجذب الأطفال لاعتقادهم أن فيه شيئاً مخصصاً لهم.

ماذا يحدث لو بحث أطفالنا بالعربية في مكتبة البرامج؟

من الطبيعي أن يستخدم أطفالنا اللغة العربية حينما يستخدمون خاصية البحث في مكتبة البرامج، فيكتبون مثلاُ (ألعاب) أو (لعبة)، أو (أطفال) ليصلون مباشرة إلى برامج خاصة بهم، ولكن هذا الطريق ملغوم.

فمن إخفاقات مكتبة البرامج أنها لا تدعم العربية بشكل جيد، ولذلك فحينما يتم البحث عن أي كلمة عربية تقوم مكتبة البرامج بعرض ما لديها من برامج عربية بشكل عشوائي، أي أنها تعرض ما هب ودب..

تعالوا نشاهد ماذا ظهر لنا عندما بحثنا عن كلمة “ألعاب”:

وهذا ما ظهر لنا عندما بحثنا عن كلمة “ضحك”:

ولو كتبنا كلمة “السعودية”؟، انظروا نتائج البحث كيف ظهرت:

ما رأيكم أن نجرب البحث بكلمة “قرآن”؟

هل هناك “مناطق ملغومة” أخرى؟

نعم، هناك مكتبة الكتب والتي تحوي عدداً ضخما من الكتب الموجهة لكل الأعمار وتتكلم عن شتى الموضوعات، ولكن بما أن اللغة الإنجليزية طاغية عليها فإلى الآن لا تشكل مكتبة الكتب خطراً حقيقياً، وهناك أيضاً متصفح النت والذي يفتح الإنترنت بكل ما فيها أمام الأطفال وتنطبق عليها محاذير الإنترنت نفسها عندما نتيح لأبنائنا تصفح الإنترنت على جهاز الكمبيوتر في المنزل.

ولكن أخطر هذه المناطق الملغومة هو اليوتيوب YouTube، حيث أنه يتيح للأطفال تصفح مكتبة ضخمة من المحتوى المرئي، واليوتيوب له القدرة على جذب الأطفال بشكل واضح لأنه يعتمد على الفيديو الذي يعد جاذباً قوياً للأطفال، المشكلة في اليوتيوب أصلاً أنه لا يعتمد تصنيفاً واضحاً لمناسبة المحتوى للمراحل العمرية المختلفة، كما أنه يعتمد طريقة تشد الزائر لعرض مقطع تلو الآخر بلا توقف، والخطر هنا أنه يمكن للطفل وبسهولة فائقة عرض محتوى  للكبار ومشاهدته بالكامل، والاستمرار في مشاهدة مقاطع مماثلة لفترة طويلة من الوقت، وهناك على اليوتيوب أيضاً مكتبة كبيرة من أفلام الكرتون الموجهة للكبار فقط والتي قد يستعرضها الطفل ظناً منه أنها أفلام كرتون للأطفال.

علينا أن نضع في بالنا دوماً أن الأطفال ينزعون عادة إلى مشاهدة المحتوى المخصص للمراهقين، وأن المراهقين يميلون لمشاهدة ما هو مخصص للكبار.

بفتح اليوتيوب بطريقة عادية ظهر لنا ما يلي، والتعليق هنا والخطوط الحمراء والخضراء تركناها لكم، مع العلم بأنني تراجعت في آخر لحظة عن عرض الصفحات التي تلت هذه الصفحة لأن ما تعرضه ينافي الذوق العام، واكتفيت بالصفحة الأولى:

إذن، هل نمنع أطفالنا من استخدام الآيباد؟

كلا، الآيباد جهاز تعليمي رائع للأطفال، ويكفي ما يقدمه من إبهار ليجعله وسيلة ممتازة لتنمية مهاراتهم وقدراتهم وجعله وسيطاً لإيصال ما نريده من أفكار وقيم للجيل الجديد.  الحل في أن نحد من مخاطر الاستخدام بقدر ما نستطيع..

وفي التدوينة القادمة سأضع بين أيديكم أفضل الطرق للتحكم باستخدام أطفالنا للآيباد بإذن الله..

دمتم جميعاً.. وأطفالكم.. بخير..

 
36 تعليق

Posted by في 10 جويلية 2011 بوصة تقنية, طفولة

 

أطفالنا.. و “الخطط الاستراتيجية”!


كان الراكب بجانبي في الطائرة رجلاً كبيراً في السن، من بريطانيا.. عرف نفسه بأنه يعمل مستشاراً في واحدة من كبرى الشركات السعودية..
حينما عرفته بنفسي وأنني مهتم بالطفولة.. قال لي وهو يبتسم:
“سأخبرك إذن قصتي مع ولديّ”..
***
هذا الرجل لديه ابنان..
حينما كان ابناه في المرحلة الابتدائية العليا.. لاحظ عليهم قلة اهتمامهم بدروسهم..
فأخذ يوماً يتحدث معهما.. وكان يعرف شغفهما الشديد بالسيارات.. فسألهما عن السيارة التي يريدان اقتنائها عندما يكبران.. فهتف الاثنان سوية: “فيراري!”..
فقال لهما على الفور: “إذن ما رأيكما أن نذهب الآن ونشاهد السيارة الفيراري التي ستشتريانها؟”..
وطار الولدان من الفرحة.. وبالفعل أخذهما والدهما إلى معرض سيارات فيراري.. دخلوا المعرض.. واستقبلهم البائع.. وحين سأل الأب كيف يمكن أن يساعده أجابه الأب: “ولداي يريدان شراء سيارتي فيراري”..
قال لي الأب بأن الحظ ساعده يومها بأن البائع فهم الرسالة.. وتعامل بكل ود معهم.. فأخذ يعامل الولدان وكأنهما مشتريان حقيقيان.. قال لهما بأن يختارا السيارة التي يريدان.. وبالفعل اختار الولدان إحدى السيارات المعروضة.. وأخذا يتأملانها ويتلمسانها بكل شغف..
ثم عرض البائع عليهما أن يفتح السيارة وأن يجلسا فيها ويشاهداها من الداخل..
وكاد الولدان حينها أن يجنّا من الفرحة..
دخل الولدان سيارة الفيراري وهما لا يكادان يصدقان نفسيهما.. أخذا يتبادلان الجلوس خلف المقود ويمثلان وكأنهما يقودان السيارة..
كان يوماً لا ينسى..
ثم شكر الأب البائع.. وقبل أن يغادروا صالة الفيراري.. قال الأب لولديه: “لقد نسينا أن نسأل عن قيمة هذه السيارة”؟.. والتفتوا إلى البائع وسألوه عن السعر.. وسأله أيضاً عن قيمة القسط الشهري لو أرادوا شراء السيارة بالأقساط.. ثم طلب الأب من ولديه أن يسجلا هذه المعلومات على ورقة ويحتفظا بها..

***
حينما عادوا إلى المنزل.. كان الولدان يتحدثان طول الوقت عن السيارة التي شاهداها.. كانا مفعمين بالإثارة.. جلس حينها الأب معهما وبدأ في الحديث.. قال لهما أن هذه السيارة غالية الثمن.. وأنه إذا أرادا الحصول عليها أن يكونا في وظيفة مرموقة حينما يكبران، تدر عليهما دخلاً جيداً.. حتى يتمكنا من دفع القسط الشهري المرتفع..
وبحسبة بسيطة معهما حددوا سوية كم يجب أن يكون الراتب الشهري لمن يريد أن يشتري سيارة الفيراري..

***
في اليوم التالي.. اتجه الأب مع ولديه إلى المكتبة العامة..
هناك استعرضوا التقارير السنوية عن معدل دخل مختلف الوظائف في بريطانيا.. وقاموا بإلغاء كل وظيفة يقل دخلها عن الدخل الذي حددوه بالأمس لشراء سيارة أحلامهم.. وفي النهاية توصلوا إلى عدد قليل من الوظائف.. أوضح لهم الأب أن الحصول على إحدى هذه الوظائف سيضمن لهما الوصول لهدفهما..
ثم، وعن طريق المعلومات المتوفرة في المكتبة.. حددوا سوية كيف يمكن لأي شخص أن يصل إلى واحدة من هذه الوظائف، ما هي الشهادات المطلوبة.. وعن طريق أي كلية أو جامعة يمكن الحصول على هذه الشهادات.. وبالتالي كونوا قائمة أخرى بالجامعات والكليات مرتبطة بالقائمة الأولى..
بعد ذلك أخذوا يبحثون عن متطلبات القبول في هذه الجامعات والكليات، من معدل دراسي وما إلى ذلك.. وسجلوا كل ذلك في قائمة ثالثة..
ثم عادوا إلى المنزل..
جلس حينها أبوهم معهم.. وناقشهم في كل ما قاموا به.. وهو يغذي حلمهم الكبير.. ثم قال لهم أن أول خطوة عليهم أن يقوموا بها الآن ليصلوا إلى ما يريدون هو أن يتفوقوا في دراستهم ليحصلوا على الدرجات المطلوبة التي ستؤهلهم للدخول في الجامعات المذكورة في القائمة..
ثم تركهم أبوهم مع كل هذه القوائم التي أعدوها سوية..

***
ترى كيف كانت نتيجة كل هذه الحكاية الطويلة؟
قال لي أبوهم أن ولديه، ومنذ ذلك اليوم، التفتا إلى دراستهما بشكل غير معهود.. أصبحا يوليان دراستهما وواجباتهما اهتماماً كبيراً.. وكل ما كان يفعله هو بين لحظة وأخرى أن يشجعهما ويذكرهما بحلمهما الكبير..
وبالفعل تفوقا في دراستهما، تم قبولهما على الفور في الجامعات التي يريدان، وبدءا حياتهما العملية في القطاعات التي اختاراها من ضمن تلك القائمة..
والآن، هما في أواسط العشرينات، أصبح أحدهما مديراً للفرع البريطاني لواحدة من سلاسل المطاعم المشهورة، وهو على وشك الزواج، والثاني يعمل في وظيفة مرموقة في واحدة من الشركات الكبرى في الشرق الأوسط..

***
بعد أن أنهى جاري قصته.. سألته..
وهل حققا ما يريدان الآن؟ هل بلغا هدفهما واقتنيا سيارة الفيراري التي يريدان؟
أجابني ضاحكاً، بأن الابن الأكبر اقتنى سيارة بورش بعد أن أصبح معجباً بها أكثر، أما الثاني فهو لا يزال معجباً بالفيراري وسيقتنيها قريباً..

***
ترى من منا يناقش مع أولاده مستقبلهم في هذا العمر المبكر؟!..
لا أقصد هنا أن نسألهم السؤال المعهود: ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟.. ليجيب الطفل بجواب تم تلقينه إياه بأنه سيصبح مهندساً أو طبيباً..
بل أعني وضع أهداف واضحة لهم يعشقونها، ومن ثم رسم الطريق الذي سيصل بهم إلى هذه الأهداف، بداية من سنواتهم الأولى في الدراسة..
وأنا على يقين من أن التواصل مع أبنائنا بهذه الطريقة العملية، سيمنحهم مستقبلاً أفضل..
وأكثر روعة، ونجاحاً..

 
25 تعليق

Posted by في 26 جوان 2011 بوصة مقالات, طفولة

 

«جائزة دبي للصحافة».. الطفولة تناديكم


صُدمت للغاية عندما اطلعت على ما حدث من تغييرات في «جائزة دبي للصحافة» في دورتها التاسعة لهذا العام، التي يشرف عليها نادي دبي للصحافة..
فبعد 8 سنوات ناجحة من عمر هذه الجائزة.. يطالها التغيير.. ليتم دمج «جائزة صحافة الطفل» مع ثلاث فئات أخرى هي «الصحية»، و«البيئية»، و«تكنولوجيا المعلومات»، لتصبح في فئة واحدة هي فئة «الصحافة التخصصية».
هل هو دمج؟ أم إلغاء في الحقيقة؟!..
ومنذ متى كانت تعامل «صحافة الطفل» على أنها صحافة تخصصية؟! أو أن يتم وضعها في فئة واحدة مع جوائز أخرى غريبة عنها؟!..
والسؤال الأهم هو: كيف سيتم تقييم المشاركات وترشيح الفائزين في ظل هذا الاختلاف الجذري بين هذه «التخصصات»؟!

* * *

منذ متابعاتي الأولى لـ«جائزة دبي لصحافة الطفل» شعرت أنها مهزوزة وغير مستقرة؛ ففي الوقت الذي تنص فيه قوانين جميع بنود الجائزة على أنها تمنح لأفضل عمل صحافي في مجال الجائزة تم نشره في مطبوعة عربية في الفترة المحددة، فإن تطبيقات «جائزة الطفل» كانت في كل سنة غير واضحة ويشوبها التوتر على عكس الجوائز الأخرى. ويبدو أن سبب ذلك هو عدم توفر خبراء في مجال الطفل لدى القائمين على «جائزة دبي للصحافة» ليتم تقويم مسار هذه الجائزة وتحكيم الأعمال بشكل سليم.
في ما يبدو، كان من السهل مثلا على «جائزة دبي للصحافة» أن يتم تحكيم «أفضل تحقيق صحافي» نشر خلال العام، أو «أفضل حوار صحافي»، أو «أفضل موضوع عن البيئة»، وذلك لتوافر الخبراء لديها، وحتى عندما كانت تعلن أسماء الفائزين كان تعليل فوزهم واضحا وجليا، أما في «جائزة صحافة الطفل»، فإن الموضوع مختلف. على الرغم من أن «جائزة صحافة الطفل» كانت تنص على أنها تمنح لأفضل عمل منشور، فإنها منحت عدة مرات لشخصيات كان لها تأثير في عالم صحافة الطفل.. ومع تقديرنا الشديد لهؤلاء الرواد واعترافنا بفضلهم، فإن ذلك كان يخالف قانون الجائزة.. أما نحن، العاملون في مجال «صحافة الطفل»، فقد قرأنا ما يحدث بشكل آخر: لم يجد «نادي دبي للصحافة» من يرشده إلى أفضل الأعمال المنشورة في عالم صحافة الطفل فآثر منح الجائزة لشخصية رائدة في هذا المجال.. والسلام!
من ناحية أخرى، لم تقم لجنة الجائزة بالتفريق بين ما ينشر للطفل في مجلات الأطفا، وبين ما ينشر عن الطفل في صحافة الكبار، وشتان بين المجالين؛ فالأول صحافة أطفال تقدم للأطفال، وهو فن فريد، والآخر يشمل كل موضوع موجه للوالدين أو التربويين أو حتى عموم المجتمع عن قضايا الطفل، سواء كانت صحية أو أخلاقية أو تربوية أو غيرها. ورأينا عدم الوضوح هذا حينما منحت الجائزة لصحافيين كتبوا مواضيع عامة عن الطفل في الجرائد، مما ضيع معنى الجائزة، وأدخل من ليس من أهل التخصص في دائرتها.
بالإضافة إلى ذلك، لوحظ أن السيرة الذاتية للمتقدم للجائزة لها دور في حصوله على الجائزة؛ فيكفي أن يكون المتقدم للجائزة له اسم كبير وعريق وسيرة ذاتية طويلة وأعمال كثيرة منشورة ليفوز بالجائزة، حتى ولو كانت أعمال غيره – من أصحاب الخبرة الأقل – أكثر تميزا وإبداعا. وهذا يؤكد عدم وجود خبراء في صحافة الطفل لدى «جائزة دبي للصحافة»، مما دفعهم لاختيار «الأكبر والأكثر خبرة» ليكون اختيارهم أقرب للصواب في حساباتهم.

* * *

ترى هل ستنجح «جائزة دبي للصحافة» في إعطاء الطفولة حقها بعد دمجها في ثلاث فئات أخرى مختلفة اختلافا جذريا عنها تحت بند واحد؟
نحن نعلم أن تقييم أي جائزة يكون بناء على أسس واضحة، وبالتالي لا بد من أن تكون المشاركات متقاربة من عدة جوانب. فيا ترى هل يمكن لأحد أن يجد حلا لجائزة تجمع بين مواضيع صحافية صحية وبيئية وتقنية وقصص مصورة للأطفال في الوقت نفسه؟!
ترى كيف سيتم التفاضل فيما بينها؟ لجودة العنوان الصحافي؟ لجرأة التحقيق؟ لروعة الرسومات مثلا؟ لتوصيل معان تربوية عميقة؟! إبراز تقنيات جديدة؟ للسبق الصحافي؟!
هل ترون كيف ستكون المحددات صعبة؟!
إن سألتموني ماذا ستفعل لجنة الجائزة، فأعتقد أنها ستقوم بمنح الجائزة لكل قسم في كل دورة، بشكل غير معلن طبعا. وبالتالي فإن نصيب «صحافة الطفل» منها سيكون مرة كل أربع سنوات.
وإن كانت «جائزة دبي للصحافة» قد فشلت في تكوين فريق خبراء في مجال «جائزة صحافة الطفل» في ما مضى، فإنه من المؤكد أن لجنة الجائزة «التخصصية» الجديدة لن تكون كذلك، وإن تم وضع شخص متخصص في لجنة الجائزة فسيكون هو الحلقة الأضعف لتقارب التخصصات الثلاثة الأخرى بعضها من بعض.

* * *

بعد معاناة طويلة لرواد صحافة الطفل من عدم اعتراف المجتمعات الثقافية بهم وبدورهم الريادي في تقديم منتجات فريدة للطفولة، احتفلوا كثيرا بإعلان «جائزة دبي لصحافة الطفل» التي دفعت فيهم الروح من جديد، ليزيدوا من عطائهم وإبداعهم، حيث إنها الجائزة الوحيدة في العالم العربي التي تدعم صحافة ومجلات الأطفال.
والآن، وبدمج هذه الجائزة، واختفاء اسم الطفولة من قائمة الجوائز الصحافية، تلقى العاملون في صحافة الطفل ضربة نفسية عميقة، لاختفاء المحارب الوحيد الذي كان يدافع عن وجودهم.. وعن كيانهم.
وفي الوقت الذي كانوا يتطلعون فيه إلى تشعبات أكبر لـ«جائزة صحافة الطفل»، وذلك لاتساع هذا المجال، ليشمل صحافة الأطفال الورقية، وصحافة الأطفال الإلكترونية، وصحافة الأطفال التي ينتجها الموهوبون من الأطفال أنفسهم؛ فوجئوا بإعلان «الإقصاء» عن «جائزة دبي للصحافة».
ترى.. ألا يعلم القائمون على «جائزة دبي للصحافة» مدى أهمية الدور الذي كانوا يمارسونه في دعم صحافة الطفولة في العالم العربي؟ ألا يعلمون أنهم قدموا لأطفال العالم العربي هدية لن ينساها التاريخ، ثم سحبوها بكل بساطة؟!
ترى.. هل كتب علينا أن نعود تسع سنوات للماضي، لنغني من جديد: مَن لصحافة الطفولة؟!

* مقال نشر في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 23 فبراير 2010

 

إنفلونزا خنازير.. أم إنفلونزا إعلام؟


يبدو ان الإعلام قد تعود أن يكون (المنديل) الذي (يعطس) فيه من يريد ما يريد وكيفما يريد.. فبعد أن تفاجأنا بأحد أعضاء مجلس الشورى يتهم الإعلام بتضخيم أحداث جدة المأساوية.. ظهر منذ أيام المتحدث الرسمي لوزارة الصحة وهو يرمي بجزء من مسؤولية فشل حملة التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير على الإعلام بوسائله المختلفة، والذي سمح لغير المختصين باالحديث عن هذه الظاهرة مما ولد “فوبيا” ضد التطعيم على حد قوله..
ترى هل يطاالب المتحدث الرسمي لوزارة الصحة (وغيره) الإعلام بأن يتناسى مهمته الأساسية القائمة على التعبير الحر وينقاد لسياسات جهة ما؟.. أليس الإعلام هو انعكاس لما يحدث هنا وهناك ونقل لما يدور من سائر الأطراف بكل شفافية؟

* * *

قام الإعلام بتغطية انتشار إنفلونزا الخنازير منذ بداياتها.. وساهم بشكل فعال في نشر الحقائق عن هذا المرض ونشر ثقافة التعامل معه.. واهتم كثيراً بانطلاق حملة التطعيم ضد انفلونزا الخنازير ورأينا صور وزير الصحة وهو يأخذ التطعيم ثم يقوم بتطعيم ابنته بنفسه.. كل ذلك قام به الإعلام بشكل حر وبمصداقية عالية..
ولكن.. وفي نفس الوقت.. فإن من مصداقية الإعلام أن ينقل وجهة نظر الأطراف الأخرى.. وأن ينقل أيضاً ما يدور على أرض الواقع..
وفعلياً.. ولنكن صادقين مع أنفسنا.. فإن الغالبية العظمى من الناس.. بما فيهم مسؤولين ومتعلمين.. من منسوبي وزارة الصحة وإعلاميين.. لديهم قناعة بأن هناك تضخيم غير طبيعي لموضوع إنفلونزا الخنازير.. وأن هناك (إنّة)!!..
انتشرت تقارير كثيرة هنا وهناك تشكك في حملة التطعيم هذه.. أشهرها ما أتى على قناة روسيا اليوم من تصريحات لوزير الصحة الروسي بوجود مؤامرة من شركات أمريكية تسعى للتكسب من الموضوع.. وذلك بالتواطؤ مع منظمة الصحة العالمية.. وبالتالي قام الإعلام لدينا بنقل ما شاهد.. وقام العديد من الكُتّاب بإثارة الموضوع..
ترى هل يرى المتحدث الرسمي لوزارة (صحتنا) أن وزير الصحة الروسي هو إنسان (غير متخصص)؟!..
ثم توالت الأخبار والتقارير.. واستمر الإعلام بنقل كل ذلك..
وفي نفس اليوم الذي ينشر فيه الإعلام تصريح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة بإلقاء المسؤولية على الإعلام.. ينقل الإعلام خبراً مفاده أن التطعيمات التي وصلت إلى جيزان وبدأ تطعيم الناس بها هي تطعيمات غير صحيحة.. وأن وزارة الصحة وجهت بسحب التطعيمات الموجودة هناك.. وفي اليوم الذي يليه يصدر بيان من منظمة الصحة العالمية تناقلته صحافتنا مفاده أن انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير قد استقر متضمناً اعترافاً منهم بأن توقعاتهم بمستوى خطورة إنفلونزا الخنازير كانت غير صحيحة تماماً وأن النتائج كانت اهون بكثير..
ترى هل يطالبنا المتحدث الرسمي بعدم ذكر هذه الأخبار والتغافل عنها؟!..

* * *

عفوا أيها المتحدث الرسمي.. ولكن فشل حملتكم المشبعة بعلامات الاستفهام أتى من زوايا كثيرة، ولن أتعرض هنا للتقارير العلمية والإشاعات وما إلى ذلك.. ولكن سأسرد بعض الحوادث العامة في مجتعنا والتي كانت تقول بكل صراحة أن علامات الاستفهام تستحق أن تكون أكبر وأكثر:
* في عز انتشار الخوف من إنفلونزا الخنازير في آخر الإجازة الصيفية، تم إعلان تأجيل بدء الدراسة أسبوعين لحين وصول التطعيمات، ولكن التطعيمات لم تصل في وقتها.. وتوقع الناس بالتالي أن يتم تأجيل الدراسة لأن كثافة الطلاب واختلاطهم ببعض سيزيد من معدل الإصابة وبالتالي عدد الوفيات.. ولكن وزارة التربية والتعليم تجاهلت الموضوع تماماً وبدأت الدراسة في موعدها.. والكثير من الناس فهم هذا التصرف على أنه إدراك من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم بمدى وهن كل حكاية إنفلونزا الخنازير هذه..
* بدأت الدراسة.. ولم نشاهد زيادة في عدد المصابين بإنفلونزا الخنازير.. بل إن أعداد المصابين كانت أقل.. وأصبح أولادنا يذهبون للمدرسة بشكل طبيعي بدون وجود لفقاعة الخوف التي أثارتها وزارة الصحة.
* تزامن مع ذلك أيضاً احتفالات العيد.. ولم يصدر من أي مسؤول إلغاء لهذه الاحتفالات بالرغم من أن معدل الازدحام والاختلاط فيها أكثر مما يحدث في المدارس، وهذا أيضاً أوصل للناس رسالة من أن المسؤولين الكبار في الدولة لا يرون الموضوع بهذه الأهمية.
* وأتى موسم الحج أيضاً.. ليسجل هذا العام أقل نسبة وفيات منذ سنين طويلة بالرغم من تزامنه مع موسم إنفلونزا الخنازير (القاتل والمرعب!)..
* مع بداية حملة التطعيم الفعلية، كانت موجة العدوى بإنفلونزا الخنازير قد بدأت تنحسر، وأصبح من النادر أن نسمع عن وفاة من جراء هذا المرض، وأصبح الناس يتساءلون: لماذا التطعيم؟
* تواترت أخبار كثيرة من عدة مدارس أنه وبعد أن يتم الإعلان عن موعد زيارة وفد وزارة الصحة لتطعيم الطلاب، وإرسال أوراق الموافقة لأولياء الأمور، فإنه لا يأني أحد من الوزارة أصلاً!..
* مما دعم نظرية وجود مؤامرة من شركات الأدوية، هو أن الأطباء في المستشفيات الكبرى أخذوا يصرفون علاج إنفلونزا الخنازير (تامي فلو) لكل من لديه أعراض أي إنفلونزا.. وبدون أن يتم الفحص الفعلي لمعرفة هل هي (خنازير) أم لا.. وفي نفس الوقت فإن من يذهب إلى العيادات الخاصة أو المستوصفات الصغيرة يجد أن كل الأطباء هناك يسخرون من كل ما يحدث.. ويقولون بأن هذه الإنفلونزا يمكن علاجها بالمسكنات العادية والراحة في المنزل.. وأن الوفيات التي حصلت كانت لأناس لديهم أمراض أخرى.. وشاع ذلك بين الناس إلى درجة أن الكثير أصبح لا يأخذ أبناءه إلى المستشفيات إن كانوا يعانوا من أعراض إنفلونزا.. وقام الناس أيضاً بربط ذلك باستهداف شركات الأدوية للمستشفيات ووجود مصالح مشتركة بينها.. وتحرر العيادات والمستوصفات من هذا الضغط..
أغلب هذه النقاط (وغيرها) لم يتطرق لها الإعلام.. في حين أنها منتشرة بكثرة بين الناس وكان لها أثر كبير في رفض الناس للتطعيم..
ترى هل يحق للمتحدث الرسمي لوزارة الصحة أن يتهم الإعلام؟.. أم أن هذا الاتهام أتى في محاولة أخيرة لتبرير الاندفاع غير المسؤول نحو حملة التطعيم المشبوهة هذه مضيفاً علامات استفهام أخرى وأخرى؟.

* مقال منشور في المفكرة الإعلامية

 
أضف تعليق

Posted by في 8 جانفي 2009 بوصة قضايا إعلامية, مقالات

 

قناة أجيال.. هل نفرح إذن؟


وانطلقت قناة أجيال.. مع أول أيام عيد الفطر المبارك..
ومع أنه من الجميل أن تبدأ قناة أطفال بثها في أول أيام العيد، إلا أن قناة أجيال لم توفق في ذلك..
لماذا؟..
لأن إطلاق قناة فضائية.. بكل بساطة.. يحتاج إلى فترة إعداد لا تقل عن ستة شهور.. وقد تزيد عن السنة..
أما قناة أجيال فقد ضربت الرقم القياسي.. حيث لم يفصل بين إعلان نية وزارة الإعلام السعودي إطلاق قناة للأطفال وبين يوم بدء بثها الفعلي سوى شهر واحد فقط!..
لاحظوا هنا أن هذا الشهر من المفترض أن يتخلله وضع الرؤية العامة للقناة، خطتها، هيكلتها البرامجية، بناء اتصالات مع منتجي برامج الأطفال ومزودي المحتوى المناسب لهم، حسم الكثير من القضايا التي تتعلق بالهوية والمحددات التربوية للعرض، بناء الطاقم الإداري، بناء الطاقم الفني، تعيين المذيعين وتدريبهم، خطة القناة التسويقية.. إلخ.
فيا ترى هل سارت الأمور بعجلة زمن مختلفة هذه المرة؟..
أم أن هناك حسابات أخرى تدور خلف الكواليس؟

* * *

في اعتقادي أن ما جعل القناة تظهر بهذه السرعة كان نتيجة لأحد أمرين، أو كلاهما..
الأول، قلة الخبرة وضعف المهنية، خصوصاً وأن القناة انطلقت من رحم التلفزيون السعودي، وهل يعلم أحدنا أي تميز للتلفزيون السعودي في برامج الأطفال حتى يكون لديه من الطاقات ما يكفل إنتاج قناة أطفال مميزة ومنافسة؟
الثاني، الصراعات المعتادة في الوزارات والمؤسسات الكبرى، حيث يستخدم عامل الزمن والسرعة بطريقة غير مهنية، ولنا أن نتخيل هنا أحداً طامعاً في منصب مهم في هذه القناة، فيبدأ بإثارة الإشاعات والأقاويل بأنه يتمكن من فعل الأعاجيب وبأنه قادر على إطلاق القناة في أسابيع، حينها يجد القائمون الفعليون على القناة أنفسهم في حرج، إذ لا بد أن يبرهنوا للكل أنهم قادرون على إطلاق القناة في هذه المدة الزمنية القياسية حتى يثبتوا جدارتهم.. وهذا كثيراً ما يحدث حولنا.. والضحية هو المُنتَج أياً ما كان شكله.
وفي كلا الأمرين، تتحمل القيادات المسؤولية، فهي من يفترض أن تكون على علم بحيثيات هذين الأمرين، وخطرهما على أي مسار إنتاجي، وبالتالي ترتيب الأمور لحماية المسار، وحماية القائمين عليه من أي تدخل يربكهم ويضر بنفسياتهم وجودة إنتاجهم.

* * *

نتيجة هذه السرعة القياسية في بدء البث كانت واضحة لكل من تابع انطلاقة القناة..
وأولها أن ابني الصغير يلح علي بأن أغير المحطة إلى أي قناة أطفال أخرى!..
لماذا يا ترى؟..
عندما بدأت بمشاهدة القناة في أيامها الأولى.. كان كل من يزورني ويشاهدها معي أثناء ظهور المذيعين يعتقد أنها قناة جديدة للشباب وليست للأطفال.. حيث بدا واضحاً أن المذيعين الأربعة الذين اختارتهم القناة لم يتم تدريبهم بالشكل الكافي ليكونوا مذيعي قناة أطفال.. حيث أن المذيع هنا لا بد له من تدريب خاص ليتعلم كيفية التعامل مع الطفل، من حيث الأسلوب وطريقة إدارة الحوار والمواضيع التي تطرح وغيرها، إضافة إلى ذلك فإن الديكور وطريقة الإخراج غير الاحترافية لعبا دوراً مهماً في إضفاء صفة القناة الشبابية على فقرات ظهور المذيعين..
ومن الواضح هنا أن قناة أجيال اختارت أن تتبع النمط الذي ابتكرته قناة MBC3 للأطفال، وهو المذيع النجم، حيث كان أول تطبيق لهذه النظرية في منطقتنا على شاشتهم، ونجحوا نجاحاً باهراً في ذلك، وعلينا أن نتذكر هنا أن الإعداد لقناة MBC3 أخذ أشهراً طويلة، ومن الواضح أن المذيعين الاثنين (حسن ودانية) قد تم اختيارهم بعناية، وتدريبهم ليكونوا بحجم هذه المسؤولية.. ونذكر أيضاً هنا أن قناة نيكولوديان العربية اختارت اتباع هذا النمط ولكنها فشلت فيه لعدم اختيارهم مذيعين مناسبين للجمهور في الخليج بالدرجة الأولى.
ولا يعاب على قناة أجيال تبنيهم لهذا النمط من حيث المبدأ.. ولكنهم وقعوا في أخطاء التقليد غير الاحترافي، حيث كان من الممكن اختيار مذيعين أفضل، وأيضاً إخضاع المذيعين للتدريب المناسب، ولكن ما رأيناه لم يدل على ذلك أبداً.. كما حاولت أجيال ابتكار طريقة جديدة في صناعة (المذيع النجم) عن طريق بث فواصل تعرف بالمذيعين وتعطي كل واحد منهم هوية واضحة، ولكنها لم توفق في ذلك، حيث بدت هذه الفواصل سمجة وأبعد ما تكون عن الاحترافية..

* * *

في ظل تطور وسائل التكنولوجيا.. والتنافس الشديد محليا وعالمياً على تقديم المحتوى المتميز.. لا بد وأن يكون لأي منتج إعلامي جديد هوية واضحة ومميزة، مطروحة في قالب جميل..
ولكن لا يبدو لقناة أجيال أية هوية مميزة.. فشعار القناة يبدو وكأنه قد تم تصميمه من عشرين أو ثلاثين عاماً.. ووجود الرجل الآلي الطائر معه لم يكن موفقاً حيث أنه يعطي نفس الإيحاء خصوصاً عندما يقترب وتحتل عيناه أغلب الشاشة.. والفواصل التي تقدم هذا الشعار تحمل أحياناً رسومات كلاسيكية قديمة أبعد ما تكون عن ما يحبه ويعشقه أطفالنا اليوم..
فهل يمكن بالتالي لقناة أجيال أن تشد الطفل بعيداً عن قنوات الأطفال الأخرى الريادية التي تتنافس على استخدام أحدث أنماط الرسم والتحريك وأجمل الألوان وأحدث التصاميم؟!..
من ناحية أخرى.. يبدو التخبط واضحاً على الهيكل البرامجي للقناة، فلا يوجد نمط واضح لطريقة عرض البرامج ومسلسلات الكرتون، وإعلانات الكرتون نفسها تثير الدهشة، حيث يظهر إعلان لمسلسل ما بدون أن يوضح الإعلان متى موعد بثه، كما تخللت أيام البث الأولى فترات انقطاع غريبة، ففي منتصف اليوم، أي وقت الذروة بالنسبة للأطفال، يظهر فاصل القناة أحياناً في انقطاع برامجي لمدة تصل إلى النصف ساعة، يضاف إلى ذلك أن بعض الفقرات التي تتخلل فترات ظهور المذيعين تبدو مهلهلة، مثل التقرير الذي بثته القناة ثالث أيام العيد عن الأطفال في باكستان وكيف يحتفلون بالعيد في فقرة مخصصة لذلك، وعرض التقرير مدخل كرتوني لطائرة تذهب من السعودية إلى باكستان، ثم ظهرت طفلة باكستانية تقول بلغتها عبارات تحية للمشاهدين، ثم تختم ذلك بأن قناة أجيال هي قناتها الأولى وأنها تتابعها باستمرار!.. التقرير لم يزد عن دقيقة أو دقيقتين، ولم يعرض أي شيء عن احتفالات الأطفال بالعيد في باكستان.. ترى لو أرادت قناة الجزيرة للأطفال مثلاً عرض مثل هذا التقرير فهل سيكون مهلهلاً بهذه الطريقة؟.. ثم.. كيف أصبحت قناة أجيال هي القناة الأولى لطفلة تعيش في الباكستان وهي في ثالث أيام بثها؟!

* * *

علمت أيضاً أن القناة تبث فضائياً فقط.. ولا تظهر أرضياً.. ولم أتأكد بنفسي من هذه المعلومة.. ولكن إن صح ذلك فهذا في اعتقادي أكبر خطأ تقع فيه القناة.. حيث أن الجمهور الأساسي الذي تراهن عليه قناة أطفال مثل أجيال هو جمهور أطفال السعودية، خصوصاً من لا تصلهم القنوات الفضائية في منازلهم.. وهي إن فعلت ذلك ستحقق انتشاراً واسعاً في كافة مناطق المملكة وتسيطر على جمهور خاص يعطيها ميزة تنافسية عن غيرها بكل سهولة..

* * *

بعد كل هذا..
لو استعان التلفزيون السعودي بخبرات مميزة في تلفزيون الطفل.. واستقطب من يستطيع من قنوات الأطفال القيادية في الساحة، وأعطاهم الإمكانات اللازمة.. ووفر لهم الحماية من التدخلات غير المسؤولة.. لأمكن حينها الرهان على نجاح قناة أجيال..
أما في الوضع الحالي فلم تشكل قناة أجيال سوى رقم يضاف إلى قائمة قنوات الأطفال في الساحة العربية..
ولا أعتقد أن هذا الرقم لديه من المقومات ما يجعله يحتل مركزاً قيادياً.. أو يمنحه تميزاً خاصاً.. على الأقل على المدى القريب..
بل سيبقى رقم..
ورقماً فقط!..

* مقال منشور في المفكرة الإعلامية

 

قناة أجيال.. كان الله في عونكم!


الموضوع كان سريعاً ومفاجئاً.. كان الكلام يتردد عن نية التلفزيون السعودي إطلاق قناة خامسة.. هذا الكلام يعود لسنوات.. وظهرت فعلاً قناة خامسة من غير هوية واضحة.. كانت في الأغلب تعرض كل قنوات التلفزيون الأخرى الأربعة في أربع شاشات صغيرة.. وحينما تكون هناك مباريات محلية تجرى في وقت واحد كانت القناة الخامسة تستغل في المساعدة في النقل المباشر حينها.. وتردد فترة أن هذه القناة سيتم إعادة توجيهها وستسمى قناة (الجنادرية).. وفترة أخرى قيل أن اسمها سيكون (مناسبات) وأنها ستختص بعرض المناسبات الوطنية وما إلى ذلك.. ومع تولي الوزير الجديد توالت الأنباء عن أن القناة الخامسة سيتم تخصيصها للجاليات وستكون بعدة لغات مختلفة مثل الأردية والبنغالية والفلبينية..
ثم.. وقبل حوالي عشرة أيام.. صرح الوزير بشكل مفاجئ بأن هذه القناة ستخصص للطفل.. وأنها ستظهر في منتصف شهر شوال.. بدون إعطاء تفاصيل أخرى.. وبعدها بأيام قليلة ظهرت كل التفاصيل بشكل سريع ومتتابع.. تسمية القناة بـ (أجيال).. تعيين مدير لها.. تحديد أول أيام عيد الفطر لانطلاقتها.. إعلان أسماء المذيعين الأربعة الرئيسيين.. ثم ظهرت شارة القناة على الشاشات..

* * *

من الواضح أن وزارة الإعلام السعودية جادة في سعيها هذه المرة.. وأن الموضوع قد حسم بشكل نهائي.. وهذا ما أثار سعادتي.. فمن بين كل الاحتمالات المطروحة أعتقد أن خيار الطفل هو أقوى خيار.. وهو ما نحتاجه.. وما يحتاجه أطفالنا.. حيث أننا نعيش طفرة غير عادية في قنوات الأطفال جعلها خلال خمس سنوات ترتفع من قناتين إلى أكثر من اثني عشر قناة.. وأغلبها –إن لم يكن كلها- تستهدف السوق السعودي لأنه يمثل الشريحة الكبرى في المنطقة بالرغم من أنه ولا واحدة من هذه القنوات تحمل الهوية السعودية..
خطوة مباركة.. تستحق التقدير..

* * *

ولكن.. السؤال الأهم.. هل ستمكن قناة (أجيال) من لعب دور رئيسي في ظل وجود هذا العدد من قنوات الأطفال في الساحة؟
أعتقد أن العامل الرئيسي الذي سيشكل الإجابة هو أن قناة (أجيال) قناة حكومية.. تطلقها جهة حكومية في دولة خليجية.. وهذا يجعلنا نصل إلى عدة نتائج.
من المتوقع أن يتحكم النمط التقليدي الذي تعودنا عليه في التلفزيون السعودي سائر تحركات هذه القناة.. بكل إيجابيات هذا النمط وسلبياته.. وهذا يعني أن هذه القناة ستحكمها توجهات الوزارة.. وتوجهات الإعلام الكلاسيكي التقليدي الذي يهيمن على القنوات التلفيزيونية السعودية الأربعة.. ومعنى هذا بالتالي أن القناة الوليدة ستأخذ مع الزمن مكانة القنوات السعودية الأخرى في خارطة القنوات العربية.. فكما أن قناة MBC سحبت البساط من القناة السعودية الأولى.. وقنوات الجزيرة الرياضية و ART الرياضية سحبت البساط من القناة الرياضية.. فمن المتوقع أن يحصل نفس الشيء مع قناة أجيال.. حيث سيكون لقنوات أخرى مثل MBC3 و الجزيرة للأطفال و Spacetoon أكبر حصة من السوق.. وسيكون من الصعب على قناة أجيال أن تنافسهم بقوة.. لأنها بكل بساطة تفقد روح المنافسة التجارية والتوسعية التي تحرك هذه القنوات الريادية.. وكما يحصل مع القنوات السعودية الأخرى من أن المواطن السعودي يتابعها فقط في مناسبات وأحداث خاصة لا تعرض عادة إلا عليها مثل مباريات الدوري المحلي ومباريات المنتخب.. وكذلك متابعة وقت أذان المغرب في رمضان (والذي بمجرد إعلانه يتم تحويل الشاشة إلى قنوات أخرى!) فمن المتوقع ألا يتابع المشاهد قناة أجيال إلا في حالات خاصة محلية، أو في حال عرض مسابقات لها جوائز مميزة وثمينة، وهو ما يتميز به أيضاً التلفزيون السعودي.
الجانب الإيجابي في قناة أجيال هو أنها ستكون طريقاً لتبني المواهب المحلية، والأفكار المحلية، وإخراجها للسوق، وهذا ما حصل في القنوات السعودية الأربعة الأخرى، حيث خرجت هذه القنوات عددا من المذيعين المتميزين الذي أصبحوا الآن معالم أساسية في القنوات العربية، وانعكست إيجابياً على المتلقي السعودي بإيجاد نمط محلي ولو بسيط في القنوات العربية الأخرى خصوصاً القنوات القيادية، وبالرغم من أن القنوات السعودية خسرت شيئاً من مكتسباتها فعلياً بتنمية هذه المواهب ثم فقدانها إلى جهات أخرى إلا أن الفضل في ذلك يعود لها بلا شك.. يضاف إلى ذلك تنمية برامج ومسلسلات محلية تهاجر فيما بعد إلى قنوات أخرى مثل ما حصل مع (طاش ما طاش).. ففعلياً تلعب القنوات السعودية دوراً مهماً في إعداد الكوادر السعودية الجيدة وتوفيرها للغير، وبما أن القنوات السعودية قنوات غير تجارية وغير ربحية، بل هي قنوات حكومية موجهة ذات أهداف، فيفترض أن تكون هذه النقطة مدعاة فخر لها.
هناك إيجابية أخرى من المتوقع أن تحسب لصالح قناة أجيال، وهي أنها ستضخ كمية من السيولة على شركات الإنتاج لإعداد محتوى محلي خاص لها، وهذا سينعش حركة الإنتاج للطفل عموماً وفي السعودية خصوصاً، مما سيكون له دور كبير في دفع عجلة تقدم وتطور حركة الإنتاج للطفل في البلد، وهو فعلياً ما نحتاجه، وما يحتاجه أبناؤنا وبناتنا.

* * *

ما تحتاجه قناة أجيال هو الدمج الذكي بين التوجهات الحكومية والتربوية، مع التوجه التجاري، حيث أن التوجه التجاري هو الذي يذكي المنافسة ويثري الإبداع، مع لمسة تربوية تحمي القناة من الوقوع في أخطاء غيرها ممن جرفهم التوجه التجاري المحض.
كل التوفيق.. لكم.. يا من ستكونون أغلى وأثمن قناة محلية..
قناة (أجيال)..

* مقال منشور في المفكرة الإعلامية

 

مؤسساتنا الإعلامية.. وبائع البطيخ


لنتخيل سوية إنساناً ضعيفاً..
مسكيناً..
رجل كبير في السن مثلاً.. هدته السنون..
ولديه عائلة يعيلها..
جلس على استحياء على باب المسجد بعد الصلاة.. وأخذ يستجدي الناس بضعف..
علّه يجد من يعينه على دوائر الحياة..
ثم أتى بائع بطيخ..
نصب بضاعته أمام باب المسجد.. وأخذ ينادي بأعلى صوته..
“الجح يا ناس.. الحبة بخمسة ريال.. اشتري من عندي حبة وباعطي هالمسكين منها ريال.. ادعموا هالمسكين يا ناس.. اشتروا الجح وفكوا أزمته.. ما تشوفوه مسيكين مو لاقي ياكل؟!.. ما في قلوبكم رحمة؟!”..
حال بائع البطيخ هذا للأسف نجده حولنا كثيراً..
وبكل أسف..

* * *

على الرغم من وضوح استغلال بائع البطيخ للمسكين.. إلا أننا نجد حولنا الكثير مثله..
شركات تعلن عن تخصيص نسبة من مبيعاتها لدعم قضايا إنسانية معينة..
وتقوم بإطلاق حملات إعلانية كبيرة لترويج منتجاتها بهذه الطريقة.. ومنطقها هو نفس منطق بائع البطيخ..
ترى.. أليس لي الحق بأن أشتري بطيخة من بائع البطيخ بأربع ريالات.. ثم يكون لي مطلق الحرية بدعم هذا المسكين بما أريد؟!..
لماذا تتصدق هذه الشركات.. وبائع البطيخ.. على المحتاجين.. على حسابي؟!..
وكيف نرضى بأن يمارس علينا هذا الاستغلال؟!..

* * *

الأبشع من ذلك.. أن يتم استغلال هذه الحالات.. دون فائدة تذكر لأصحابها..
وحدث ذلك مثلاً في أحداث غزة الأخيرة.. حيث أخذت إحدى الجهات الإعلامية بالترويج لمقاطع فيديو للجوال عن مأساة غزة..
وتقول في إعلاناتها.. “كونوا مع غزة.. كونوا مع أهاليها بمشاعركم وأحاسيسكم..
اشتروا هذه المقاطع لتروا حجم المصيبة”..
ليذهب ريع كل ذلك إلى جيوب هؤلاء المستنفعين!..

* * *

وبما أن هذه الشركات تستخدم الإعلان والإعلام للترويج لدعمها للجهات الخيرية..
فكيف الحال يا ترى إن كانت الجهة الإعلامية.. مطبوعة ورقية أو تلفزيون.. يقومون بعملية بيع البطيخ؟!
سنفاجأ بأن العملية تتم من دون وجود أي بطيخ أصلاً!
المعروف في أغلب وسائل الإعلام أنها لا تدفع.. بل تستخدم انتشارها وقوتها الإعلامية كسلعة..
فتدخل مثلاً في رعاية المؤتمرات والأحداث مجاناً مقابل الحديث عنها وخدمتها إعلامياً..
وهذا ما يحدث مع الجمعيات الخيرية..
فعندما تطلق الوسيلة الإعلامية حدثاً ماً.. كمؤتمر.. معرض.. مثلاً..
تجد أن السماعة قد رفعت فوراً.. اتصال بجمعية الأطفال المعاقين أو جمعية إنسان..
و.. “نود منكم توفير مجموعة من أطفالكم المعاقين.. الأيتام.. ليكونا معنا في هذا الحدث”..
وطبعاً.. بما أن المسألة بها خدمة إعلامية.. فلن يتردد القائمون على هذه الجمعيات في توفير المطلوب..
وعند الافتتاح.. تجد الأطفال المطلوبين في أوائل الصفوف..
وتجد صورهم تتصدر المطبوعة.. أو القناة.. مع عنوان بالخط العريض..
“…… تكرم أيتام إنسان على هامش معرض….”..
والقضايا الإنسانية.. تبيع!

* * *

وخاتمة الكلام..
“… ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه…”

* مقال منشور في المفكرة الإعلامية

 
أضف تعليق

Posted by في 5 جانفي 2009 بوصة قضايا إعلامية, مقالات

 

واجه كبيراً.. لتصبح كبيراً!


علمتنا الحياة درساً مهماً: لكي تصبح كبيراً في وقت قياسي، قف في وجه الكبار!
وبما أنه في الغالب لن يتمكن (صغير) من مواجهة (الكبار).. فإنه يقوم بالإدعاء بحدوث هذه المعركة.. ويخوض في تفاصيلها المثيرة.. حتى يتمكن من أن يصبح (كبيراً) في مجتمعه.. والمعركة التي يتحدث عنها لا وجود لها أصلاً!..
كم يحدث في أوساط الموظفين في قطاعات حكومية.. أن يبرز بينهم شخص يفاخر ببطولاته في مواجهة المدير العام.. وكيف أنه ينال حظوة عند الوزير بسبب وقوفه في وجه مهازل المدير.. وسقطاته.. وهو في الحقيقة يحاول أن يتقرب إلى المدير بأي طريقة حتى لو اضطر إلى صنع الشاي له.. ولم ير الوزير في حياته قط!
وكم يحدث في الأوساط الأدبية.. من شخص يبرز لتفاخره بمواجهاته مع أحد الأدباء الكبار.. مسفهاً أسلوبه وأدبه.. مدعياً أنه يتفوق عليه في المجالس.. وهو الذي لم يره إلا على شاشة التلفزيون!..
وكله لإضافة هالة من المجد.. والمكانة..
تعلمنا الدرس.. ووعيناه.. لكثرة ما نراه حولنا..

* * *

خبر غريب يحتل مانشيت الصفحة الأخيرة في جريدة الشرق الأوسط..
الخبر يتحدث عن (المبادرة الرائعة) من أحد مراكز الترفيه بمدينة جدة بتوفير (لعبة الرقص) ضمن الألعاب الترفيهية داخل المركز..
الغريب في الخبر هو ما تضمنه العنوان.. حيث ذكر أن لعبة الرقص “تسهم في استغلال الطفل لطاقته بالشكل السليم في ظل انعدام وجود السينما”.. ترى ما علاقة السينما بهذا الموضوع!
الخبر يصدمك حقاً.. فهو يتحدث عن لعبة ترفيهية ضمن الكثير من الألعاب الترفيهية في أحد المراكز.. ويقرر أنها بديل ممتاز لاستغلال الطفل لطاقاته في ظل غياب السينما!
هل تريد كاتبة الموضوع أن تقرر أن السينما هي الوسيلة المثلى لاستغلال الطفل لطاقاته؟
أم تريد أن تقول أن هناك رابطاً خفياً بين لعبة الرقص والسينما لم يتبين لنا؟!
أم أنها.. تريد فقط أن تذكر قضية السينما كمحفز قوي لقراءة الخبر؟!
هنا.. أتذكر زملاءنا ممن يضربون في (الكبار) ليصبحوا كباراً!! لا أدري لماذا!

* * *

الموضوع يتضمن العديد من (المصائب) التحريرية..
فكله يتمحور حول لعبة الرقص.. والدور الريادي لهذا المركز في ذلك (منذ حوالي ثلاثة أشهر).. في حين أن لعبة الرقص هذه متوفرة في الكثير من المراكز الترفيهية حول المملكة.. وأي شخص لديه أطفال ويزور هذه المراكز باستمرار يعرفها جيداً.. ويعرف أيضاً أنها من الألعاب التي لا تلقى رواجاً عند الأطفال.. قد تكون لفكرتها التي يرفضها البعض.. وقد تكون لعدم كفائتها وضعف أدائها مقارنة بالألعاب الأخرى المحيطة بها..
ثم يتحدث الموضوع عن مدى إقبال أبناء مدينة جدة على الرقص.. وأنهم يعشقون الرقص.. ويستخدمون هذه اللعبة كوسيلة تعليمية.. ويداومون على الحضور لهذا المركز الترفيهي لزيادة مهاراتهم في الرقص..
وأنا.. لا أدري لماذا لا أستطيع تصديق ذلك!
تفسير كل هذه (المصائب) التحريرية يأتي في الشق الثاني من الخبر.. ففجأة يظهر اسم صاحب المركز.. واسم المركز.. ويستمر الحديث عن أنشطة المركز.. والخدمات التي يقدمها.. وتميزه في جودة الألعاب التي يوفرها ومراعاتهم لأنظمة الجودة العالمية بأسلوب إعلاني فج..
ترى.. حينما نصل إلى هذه النتيجة.. كم من سؤال يظهر في مخيلتك؟
لا تعليق!

* مقال منشور في المفكرة الإعلامية

 
أضف تعليق

Posted by في 4 جانفي 2009 بوصة قضايا إعلامية, مقالات