RSS

Author Archives: فهد الحجي

هل محرك البحث جوجل.. آمن لأطفالنا؟


(نُشر هذا الموضوع في مجلة أهلاً وسهلاً في العدد الصادر في شهر أبريل 2017)

مع ظهور الأجهزة المحمولة والهواتف الذكية تزايد بشكل كبير الحديث عن مخاطر هذه الأجهزة على أطفالنا.. كان من ذلك المخاطر الصحية على الرقبة والظهر والعينين لمن يستخدم هذه الأجهزة بكثرة، ثم ظهرت المشاكل التربوية من ألعاب تنمي العنف عند الأطفال وغيرها، ومشاكل ما يتم بيعه في متاجر البرامج المختلفة، وظهرت أيضاً مشاكل اليوتيوب وما يعرضه من محتوى جذاب وساحر للأطفال مما يجرهم إلى مشاهدة ما لا يناسبهم..

ولكن.. قليل من الناس من ينتبه إلى خطورة محركات البحث على الأطفال.. بالعكس.. الصورة السائدة عند الناس أن من يرى ابنه يستخدم محرك بحث جوجل فهذا بالنسبة له دليل ذكاء ونضوج.. وقد يفتخر في المجالس أن ابنه يجيد استخدام محرك البحث جوجل ويستخدمه في حل واجباته أو البحث عن معلومات وإجابات لأسئلته..

ولكن.. للأسف تعتبر محركات البحث أحد أكثر الوسائل خطورة على الأطفال.. وخطورتها العظمى تكمن في خاصية بحث الصور والفيديو .. خصوصاً في الجانب الإباحي.. بمجرد كتابة الطفل لكلمات بحثية معينة يظهر له محتوى لا نهائي من الصور ومقاطع الفيديو بشكل عشوائي وغير منظم.. يفوق في محتواه محتوى الكثير من المواقع الإباحية المتخصصة!

لو تعلم الطفل كلمة واحدة من زملائه.. وكتبها.. فهذه بالنسبة له مثل “افتح يا سمسم”.. ستفتح له عالماً لا متناهياً من المحتوى الفاضح المخجل والخطير! وأحياناً يصل لها الطفل بالغلط.. بالبحث عن أمور تعتبر عادية.. كشخصية أنثوية في كرتون للأطفال، أو اسم لممثلة شاركت في فيلم أو برنامج تلفزيوني للصغار.. ولكن بسبب أن المحتوى الإباحي رائج على الإنترنت فستظهر له من النتائج الأولى صور مخلّة.. ولو شدته هذه الصور وضغط عليها فسيظهر له خيار بعرض المزيد من أمثال هذه الصور، وهكذا يقوده المتصفح إلى العوالم البشعة من الإنترنت، ويغوص الطفل فيها أكثر وأكثر!

تخيل أن تدخل على ابنك ذو العشر سنوات.. وتجده يشاهد على الشاشة صوراً إباحية لم تر أنت مثلها قط!.. وهو يشاهدها بكل جوارحه.. وقد تتفاجأ أيضاً بأنها ليست أول مرة!.. إنه أمر صادم للغاية.. ولا يمكن احتماله!.

 

ضبط خاصية البحث الآمن على أجهزة الكمبيوتر

قامت شركة جوجل بتوفير خاصية البحث الآمن، والتي تعمل على منع كم كبير من المحتوى السيء من أن يظهر في نتائج البحث، هذه الطريقة لا توفر الأمان الكامل وذلك بسبب طبيعة محتوى الإنترنت الهائل الذي يتزايد يومياً من ملايين البشر وبكل لغات العالم والتي تجعل من الصعب على هذه التقنية ملاحقة كل هذا المحتوى الهائل اليومي وفلترته بالطريقة المناسبة. ولكن وجود هذه الأداة تعتبر ميزة مهما كان، حيث تحمي أطفالنا من أغلب ما يمكن أن يصادفهم من محتوى إباحي.

إن كنت تستخدم متصفح (كروم – Chrome)، فإن هذا المتصفح يستخدم جوجل في خدمة البحث بشكل تلقائي، ولضبط خاصية البحث الآمن اذهب في الأسفل إلى خيار (الإعدادات – Settings )، ثم اختر منها (إعدادات البحث – Search Settings)، سيظهر لك خيار (تشغيل البحث الآمن – Turn on SafeSearch)، قم باختياره.

ستجد بجانب هذا الاختيار خيار آخر وهو (غلق البحث الآمن – Lock SafeSearch)، قم باختياره، حيث سيقوم بتثبيت خيار البحث الآمن على المتصفح، ولا يمكن تغييره من قبل الأطفال، سيطلب المتصفح منك في هذه الحالة تسجيل الدخول إلى حساب في جوجل (هو نفسه بريد الجيميل)، وبالتالي لا يمكن فتح البحث الآمن مرة أخرى إلا بإدخال كلمة سر حسابك في جوجل حينها.

 

هل تستخدم متصفحاً آخر غير كروم Chrome؟

إن كنت تستخدم متصفح إكسبلورر، أو إيدج، أو سفاري، أو غيره، فعلى الأغلب ستستخدم هذه المتصفحات محركات بحث أخرى غير جوجل، مثل محرك بحث Bing، الحل هنا بسيط، وهو تعيين محرك بحث جوجل ليكون محرك البحث الافتراضي على هذه المتصفحات، ولكل متصفح طريقة خاصة لذلك، وهناك صفحة أعدتها جوجل تحوي جميع المعلوماتعن كيفية تعيين جوجل كمحرك بحث افتراضي، يمكن الوصول إليها بالبحث عن عنوان هذه الصفحة كما يلي: Make Google my default search engine.

وبعد تعيين جوجل كمحرك بحث افتراضي، يمكنك حينها ضبط خاصية البحث الآمن حسب الخطوات المذكورة أعلاه.

 

البحث الآمن في هواتف وأجهزة الأندرويد

في تطبيق جوجل Google، اختر (الإعدادات – Settings)، ومنها اختر (الحسابات والخصوصية – Accounts & Privacy)، ستجد من ضمن الخيارات المتاحة خيار (فلتر البحث الآمن – SafeSearch filter)، يمكن تفعيله من هنا مباشرة.

أما بخصوص متصفح الإنترنت، فالأصل في أجهزة الأندرويد أن يكون متصفح الإنترنت هو كروم Chrome، وحينها فما عليك إلا أن تفتح صفحة محرك البحث الرئيسية في المتصفح، وتقوم بعمل خطوات التصفح الآمن SafeSearch المذكورة أعلاه في ضبط متصفح الإنترنت على أجهزة الكمبيوتر.. حيث سيفتح المتصفح لك نفس الصفحة تماماً، مع إضافة زر (حفظ) لتأكيد الخيارات.

وإن كان هناك متصفح إنترنت آخر، فعليك أن تذهب إلى إعدادات هذا المتصفح، وتعيين محرك جوجل كمحرك البحث الافتراضي، ثم يمكنك عندها القيام بإعداد التصفح الآمن SafeSearch أعلاه.

 

البحث الآمن في الآيفون والآيباد

إن كنت تستخدم برنامج جوجل أو متصفح كروم، فما عليك إلا تكرار الخطوات المذكورة أعلاه في ضبط هواتف الأندرويد، ولكن مستخدمو الآيفون والآيباد غالباً ما يتصفحون الإنترنت عبر متصفح سفاري Safari المتصفح الرسمي لنظام IOS، وهذا له طريقة أخرى للضبط تختلف عن متصفح كروم ونظام جوجل.

اذهب إلى (إعدادات  – Settings) الخاصة بجهاز الآيفون أو الآيباد، اختر (عام – General)، ومنها اختر (القيود – Restrictions)، ثم قم بتفعيل القيود (Enable Restrictions) إن كنت قد فعلت القيود من قبل ووضعت لها كلمة سر مسبقاً فسيطلب منك إدخال كلمة السر، وإن كانت أول مرة تفعل القيود فسيطلب منك الجهاز إدخال كلمة سر جديدة، ثم إدخالها مرة أخرى للتأكيد.

قائمة القيود طويلة، ويمكنك من خلالها ضبط العديد من البرامج والخصائص التي تضبط استخدام طفلك للجهاز، وما يهمنا هنا الآن هي خصائص البحث في متصفح الإنترنت، ولذلك سنذهب إلى خيار (مواقع الويب – Websites)، سنجد أمامنا ثلاث خيارات، والخيار الافتراضي على أول اختيار والذي يسمح بفتح كل مواقع الإنترنت، عليك الآن بتغييرها إلى الخيار الثاني (تقييد محتوى البالغين – Limit Adult Content).

بذلك تكون قد ضبطت خصائص البحث في متصفح الإنترنت في الآيفون والآيباد ليحد كثيراً من المحتوى المؤذي حتى لا يتعرض له أطفالنا.

عليك أن تعلم أن هذه الخاصية لن تمنع تماماً كل المحتوى الإباحي، فلا يمكن لأي محرك بحث أو فلتر أن يشمل كل شبكة الإنترنت بكل ما فيها، ولذلك إن وجدت فيما بعد أن هناك موقع إنترنت معين فتحه طفلك بالرغم من وجود هذا الفلتر، فيمكنك نسخ رابط الموقع، ثم الذهاب إلى نفس النقطة التي وصلنا إليها في ضبط الفلتر، ستجد أسفلها مكاناً لإضافة مواقع إنترنت معينة لمنعها تماماً، قم بإضافة الرابط هناك لغلق هذا الموقع الذي لم يدركه الفلتر لوحده.

وهناك نقطة أخرى، إن كنت تريد ضبط استخدام الإنترنت أكثر، فستجد أن هذا الفلتر يتيح لك غلق كل مواقع الإنترنت على الإطلاق عدا مواقع معينة أنت تحددها بنفسك، لنقل مثلاً أن هناك مواقع ألعاب معينة، أو مواقع تعليمية معينة، هي فقط التي تسمح لطفلك أن يستخدمها، حينها يمكنك اختيار الخيار الثالث (مواقع ويب محددة فقط – Specific Websites Only)، حينها ستظهر لك قائمة مقترحة لبعض مواقع الأطفال، ويمكنك إضافة عليها أو حذف منها ما تريد.

 

الحلول التقنية لا تكفي!

الحلول التقنية المذكورة أعلاه ستنجح بإذن الله في الحد من تعرض طفلك للمحتوى الإباحي أثناء استخدامه لأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الذكية بشكل كبير..

ولكن، هل هذه الحلول تكفي؟ هل أقوم بتطبيقها ثم أنام مطمئناً أن طفلي في أمان وهو يستخدم هذه الأجهزة؟ بالطبع لا!..

الأطفال يختلفون، حسب أعمارهم، وبيئاتهم، وجنسهم، ونوعية أصدقائهم، وطبيعة الفكر السائد في المنزل والمدرسة، وغيرها من العوامل، وهي عوامل لا يمكن لنا أن نحيط بها ولا نتحكم بها بشكل كامل، ولا يمكن أن نعرف من أين قد يأتي الضرر لأطفالنا..

من القصص التي حدثني عنها بعض الآباء والأمهات، طفل في الخامسة من عمره كان يبدو عليه الانزعاج وهو يلعب على الحاسب الآلي، وحينما توجهت إليه أمه لترى سبب ضيقه وجدت أنه يفتح دوما موقع ألعاب، وبين فترة وأخرى يوجهه هذا الموقع إلى صفحة فاضحة ملأى بالصور ومقاطع الفيديو الجنسية!.. أبٌ ذكر لي أنه اكتشف أن ابنه في الصف الخامس الابتدائي قد تعلم من صديقه كلمة بلغة روسية حينما يكتبها في محرك بحث جوجل يستطيع الوصول إلى كم هائل من الصور الإباحية المخجلة!.. حينما اكتشف الموضوع كان ابنه يتصفح هذه الصور لأكثر من ثلاثة أشهر بدون أن ينتبه أباه وأمه لشيء من ذلك!

هذا معناه أنه لا يزال هناك احتمال لأن يتعرض ابني أو ابنتي لمحتوى إباحي.. صحيح.. إذن ماذا نفعل أيضاً؟

الحل بكل بساطة إن أردنا أن نصيغه بكلمات لطيفة: أن نكون مع أطفالنا حين استخدامهم لهذه الأجهزة.. وبعبارة أوضح: لا تمنحوهم الخصوصية!

لا تتركوا الطفل يأخذ الآيباد أو التابلت أو جهاز الهاتف ويجلس في غرفته لساعات ولا أحد يعلم ماذا يشاهد على هذه الشاشات الصغيرة!.. أو يأخذ الجهاز ويجلس في زاوية المجلس والسماعات في أذنيه ولا أحد يعلم ماذا تعرض شاشة الجهاز.. أو ماذا يسمع..

لا بد أن يكون استخدام الطفل للجهاز في مكان مفتوح في المنزل يمكن للأب أو الأم معرفة ما يظهر على الشاشة في أي وقت.. مثل الصالة أو غرفة المعيشةـ مع عدم إعطائهم سماعات أبداً بحيث يتمكن من في المنزل من سماع ما يشاهده ابنهم على هذه الأجهزة حتى لو لم تكن أعينهم على الشاشة..

الرقابة الأبوية هي أهم وأقوى وأنجح وسيلة في حماية أبنائنا من مخاطر ما يتعرض له أطفالنا في عالم الإنترنت.. حتى يتمكن أبناؤنا وبناتنا من الاستفادة من هذه التقنيات على الوجه الأمثل.. وبشكل آمن قدر الإمكان.. حمى الله أبناءنا وبناتنا من كل مكروه.

 

 
تعليق واحد

نشر بواسطة: في 29 نوفمبر 2017 بوصة تقنية, طفولة

 

تجربة عملية في روضة أطفال في السويد من نوع خاص!


(نُشر هذا الموضوع في مجلة أهلاً وسهلاً في العدد الصادر في شهر فبراير 2017)

بالرغم من أن سن بداية الدراسة في السويد متأخر سنة عن الشائع في أغلب دول العالم، حيث يلتحق الطفل بالصف الأول حينما يبلغ السابعة، إلا أن أغلب الأطفال يلتحقون بالروضة حينما يبلغون السنة أو السنتين، ويستمرون فيها حتى عمر السادسة.. والدافع الأول للسويديين لإلحاق أبنائهم بالروضات هو أن كلا الوالدين غالباً ما يكون ملتزماُ بعمل ولديه مسيرة مهنية.. إضافة إلى رغبتهم بتطوير المهارات الاجتماعية لأبنائهم.. أما بالنسبة لي فكان الدافع مختلفاً.. الدافع الرئيسي هو أن يتعلم ابني اللغة السويدية مثله مثل الأطفال السويديين حتى لا تشكل له اللغة أي صعوبة حينما يلتحق بالمدرسة عندما يكبر.. فلغتنا الرئيسية في البيت هي العربية.. ونحن حريصون على الحفاظ عليها وتطويرها لديه في نفس الوقت..

.

البداية: نريد روضة قريبة وفقط!

حينما بدأت في البحث عن روضة مناسبة لابني وليد ذو الأربع سنوات.. كان لا بد وأن تكون الروضة قريبة من المنزل حتى يسهل على زوجتي الوصول إليها، لأنها هي غالباً من ستأخذه إليها وتحضره منها..

لم نكن نعرف الأنظمة بعد، ذهبنا إلى روضة قريبة من المنزل وسألناهم، فأعطونا ورقة وقالوا أن التقديم على الروضات يكون عن طريق البلدية، بحيث نملأ هذه الورقة، ونذكر فيها أسماء الروضات التي نرغب بأن يكون ابننا فيها، ونرسلها لهم بالبريد..

أحصيت أسماء ثلاث روضات قريبة من المنزل، عبأت الاستمارة، وأرسلتها إلى البلدية.. ليأتيني اتصال بعدها بأيام من مسؤولة هناك..

قالت لي المسؤولة بأن كل الروضات في منطقتنا ممتلئة بالكامل، ولا يوجد مكان إلا في روضة واحدة..

قلت لها على الفور: إذن سجلي ابني هناك. قالت لي: لا تستعجل، هذه الروضة لها نظام خاص، عليك أن تعرفه قبل أن تخطو هذه الخطوة..

وأعطتني رقم الروضة، واسم المسؤولة، وقالت لي بأن أتواصل معهم أولاً..

أغلقت الاتصال، واتصلت على الفور بذلك الرقم، وردت علي المسؤولة مباشرة، حكيت لها ما حصل من اتصال البلدية، فرحبت كثيراً، وأعطتنا موعداً بعد أيام..

*   *   *

ذهبنا في الموعد، لتقابلنا المسؤولة (إينجا ماري).. سيدة كبيرة في السن، بابتسامة وترحيب، أخذتنا في البداية في جولة في الروضة، والتي كانت روضة صغيرة ولكنها غنية بالألعاب وأدوات الأنشطة المختلفة، ومعها ساحة خارجية كبيرة للعب.. ثم جلست معنا لتشرح لنا الحالة الخاصة لهذه الروضة..

قالت لنا بأن هذه الروضة نظامها (تعاوني)، حيث أن للآباء دور رئيسي في إدارة المدرسة من خلال مجلس مؤثر لهم، ولهذا المجلس اجتماعات شهرية دورية، يتم انتخاب رئيس لهذا المجلس كل سنة، و كل أب أو أم لا بد وأن يكون منضماً للجنة من اللجان العاملة في مجلس الآباء، وزيادة على ذلك فإن كل أب أو أم عليه أن يعمل لمدة أسبوع كامل كل فصل في المدرسة!.. قابلنا خلال هذه الزيارة أحد الآباء، ويدعى هنريك.. قال بأن لديه طفلتان في الروضة.. وأن ابنه الأكبر أيضاً قد كان هنا أيضاً قبل أن يخرج ويلتحق بالمدرسة النظامية..

صراحةً، أعجبتنا الروضة للغاية، وأعجبنا أسلوب المسؤولة الرائع، كما أنه وخلال هذه الزيارة رأينا ابننا وليد سعيداً هناك، فقررنا الموافقة، معللين لأنفسنا أيضاً أن هذه الأنشطة المطالبين فيها ستكون تجربة جديدة ومثيرة، فلم لا؟..

أخبرنا المسؤولة بقرارنا، ولكنها قال لي مثل ما قالت موظفة البلدية: لا تستعجل!

وأعطتني أسماء وأرقام هواتف ثلاثة من الآباء، وقالت بأن علي أن أتصل بهم أولاً وأسمع منهم قبل أن آخذ قراراً نهائياً بذلك.

.

زيارات تعارف.. وعائلة اتصال خاصة بنا!

كانوا: مارتن، وفريدريك، وتيد..

اتصلت بداية بمارتن، ولم يرد.. بعدها لاحقاً ذلك اليوم أتاني اتصال من تيد.. قال بأن مسؤولة المدرسة أعطتهم اسمي ورقم هاتفي، وقال بأن المتبع في هذه الحالة أن  يقوم الآباء بزيارتنا في المنزل..

كانت تجربة جديدة لنا أن يزورنا أشخاص سويديون في المنزل!

حددنا لهم موعداً، وحضر فريدريك وتيد.. كنا قد أعددنا لهم بعض المأكولات الخفيفة.. تعرفوا على عائلتي وعلى وليد.. تركز الحوار على التفاصيل الدقيقة المطلوبة منا كوالدين في هذه الروضة.. وأخذا يرويان لنا الإيجابيات والسلبيات.. ومما ذكروه كان أن هذا النمط من المدارس يتيح للآباء أن يكونوا قريبين من أولادهم، وبالتالي يعرفون بالضبط ماذا يحدث معهم في المدرسة، وأيضاً أن هذا النمط ينتج جواً اجتماعياً مميزاً بين أهالي الأطفال، وينمو الطفل وهو يشعر أن هناك مجموعة من الآباء والأمهات حوله يساندونه ويساعدونه، وقد تمتد هذه العلاقات لسنوات..

خرج ضيفانا من المنزل وهما يقولان لنا بأن نفكر جيداً قبل تقديم التزام كهذا، ولكن القرار بالنسبة لي أنا وزوجتي كان محسوماً بالفعل.. التميز الذي نراه كان فريداً من نوعه..

اتصلنا في اليوم التالي بمسؤولة الروضة لنخبرها بقرارنا النهائي بإلحاق ابننا بالروضة.. وأخبرتنا هي بكل ود أنها ستنهي جميع الإجراءات من طرفها.

كان ذلك قبل بداية الصيف.. وقررنا أن يبدأ وليد أولى أيامه في الروضة بعد انتهاء موسم الصيف والإجازات مباشرة..

*   *   *

بعدها بأسابيع.. أتانا اتصال من امرأة.. عرفت بنفسها أنها (ليزا)، زوجة هنريك.. الأب الذي قابلناه أثناء زيارتنا للروضة..

قالت لنا بأنه قد تم تعيينهم كعائلة اتصال لنا.. وأن هذا يحدث مع كل عائلة جديدة تنضم للمدرسة.. وقاموا بدعوتنا لزيارتهم في منزلهم لنتعرف على بعضنا البعض.. ونتناول وجبة خفيفة، أو ما يسمى في السويد (الفيكا)..

كان وقتها شهر رمضان قد بدأ.. قلنا لهم بأننا مسلمون ونصوم.. فأجابت بكل ود: إذن تفضلوا.. وتكون (الفيكا) للأطفال فقط..

وفي الموعد المحدد ذهبنا بالفعل إلى منزلهم، كان بيتا ريفياً كبيراً على أطراف المدينة.. المنزل كان أنيقاً.. وعائلة ليزا وهنريك كانت في غاية البساطة.. لدرجة أن ليزا استقبلتنا في الحديقة وهي حافية.. عرفونا في البداية على أطفالهم.. ثم أخذونا في جولة في منزلهم لنتعرف على غرف الأطفال.. ثم جلسنا في الحديقة.. تحدثنا عن المدرسة.. تحدثنا عن الأطفال.. تحدثنا عن جوانب شخصية عديدة..

هنريك لديه ماجستير صناعي.. ويعمل في شركة ضخمة لصناعة ورق علب التغليف.. وليزا تقوم بتحضير الدكتوراة في مجال حقوق الأطفال في التعليم..

وتذكرت عندها أن تيد قال بأنه يعمل في وزارة المواصلات والنقل.. وأن فريدريك يعمل مسؤولاً في شركة ضخمة للمعدات الثقيلة..

وتبين لي فيما بعد أن أغلب من يضع أبناءهم في هذه المدرسة هم من نخبة معينة من المجتمع السويدي.. عرفت فيما بعد أن من الآباء والأمهات من يعمل في مجال الإعلام.. موظفين مميزين في قطاعات حكومية.. مدربين.. رياضيين.. وغير ذلك..

شعرنا عندها بأن ابننا لن يدخل روضة عادية.. لقد ساقه الحظ إلى روضة مميزة بدون أي تدبير..

خلال الصيف.. أتانا اتصال من معلمة أخرى من الروضة.. قالت لنا بأنها هي المسؤولة المباشرة عن وليد.. وتفاهمت معنا حول بعض التفاصيل والأوقات التي سيكون فيها وليد في الروضة..

.

وانضم وليد للروضة

حينما أتى أول يوم لوليد في الروضة.. ذهبنا سوية معه.. كانوا قد خصصوا لوليد مكاناً عند المدخل لملابسه وأحذيته.. حيث لا يدخل أحد الروضة بأكملها إلا حافياً حفاظاً على نظافتها.. (وهذا الأمر متبع أيضاً في مدارس الكبار في السويد حتى آخر المرحلة المتوسطة!).. كما خصصوا له دُرجا في الداخل ليحفظ فيه أعماله وأوراقه ورسوماته.. واتفقنا أن تبقى زوجتي معه أول أسبوع أو أسبوعين حتى يتأقلم مع الروضة..

هناك جدول عام لديهم تلتزم فيه كافة الروضات في السويد.. يقدمون للأطفال وجبة إفطار صباحاً.. بعدها بساعتين يقدمون لهم بعض الفواكه.. وبعدها بساعتين يقدمون لهم وجبة الغداء تليها بعض الفواكه.. وبعدها بساعتين تقريبا هناك وجبة خفيفة للأطفال.. ونظام الوجبات هذا هو أساس الجدول اليومي.. ولا يتغير أبداً.. ورأينا فيما بعد كيف أن النمط السويدي في المعيشة يركز كثيراً على الأكل الصحي للأطفال.. شرب الحليب مثلاً أمر رئيسي في الروضات والمدارس حتى آخر المرحلة المتوسطة.. الحلويات تكون فقط في نهاية الأسبوع.. أما المشروبات الغازية فهي من المحرمات!..

بالتأكيد سيسأل البعض عن لحم الخنزير.. أليس كذلك؟.. في أول زيارة لنا للمسؤولة.. وقبل أن نتخذ قرارانا بإلحاق وليد بهذه المدرسة التعاونية، ذكرنا لها أننا مسلمون ولا نأكل الخنزير.. فردت على الفور بأن هذا أمر معتبر لديهم.. وأن لا نقلق من ذلك.. ولم نذكر ذلك الأمر أبداً بعد ذلك اليوم.. ولا حتى في الأوراق الرسمية وفي الزيارات والاتصالات معهم.. ولكننا ومنذ أول يوم حضر فيه وليد للروضة وجدنا أنهم يعدون له طعاماً خاصاً إن كان الطعام الرئيسي للأطفال يحتوي على لحم خنزير!.. احترامهم لنا ولعقيدتنا لا يوصف..

*   *   *

كانت أكبر عقبة تواجهنا مع بداية التحاق وليد بالروضة هي كيفية إقناعه بالبقاء هناك.. حيث أنه كان متعلقاً كثيراً بنا.. ولنا تجارب سابقة في ذلك.. كان لا يرضى بأن نتركه في أي مكان.. ولا مع أي أحد.. وأطلعنا معلمته على هذه المشكلة.. فأخبرتنا أن لا نقلق..

بعد أيام.. بدأت المعلمة في استخدام أسلوب ترغيب وحزم مع وليد.. بدأت تأخذه مع الأطفال للعب في الساحة وتطلب من زوجتي ألا تخرج معهم.. بدأت تقول لزوجتي أن تبتعد عنه قليلاً قليلاً.. وفي آخر الأسبوع الأول طلبت منا أن نشرح لوليد في المنزل أنه لا يمكن لأمه أن تبقى معه..

وحينما أتى الأسبوع الثاني.. أوصلنا وليد إلى الروضة.. استلمته معلمته.. وطلبت منه توديعنا.. تردد كثيراً.. ثم تجاوب معها.. وخرجنا من الروضة ونحن نتحين أن يأتينا اتصال منهم بأن نأتي.. لم تكن لدينا ثقة بأن ذلك سينجح مع وليد.. ولكن ما حدث كان غير ذلك!.. تأقلم وليد سريعاً معهم.. حتى أنه أصبح يرفض العودة للمنزل حين انتهاء وقته في الروضة.. كانت لدى معلمته والمعلمات الأخرى الخبرة الكافية للتعامل معه.. وتوجيهه بالشكل الصحيح..

.

مجلس الآباء.. مجلس إدارة احترافي!

مع بداية دوام وليد في الروضة.. بدأت أيضاً أعمال مجلس الآباء.. حضرت أول اجتماع شهري وتطوع الجميع لأن تكون لغة الاجتماع هي الإنجليزية بحكم عدم معرفتي بالسويدية.. تعرفت على مجموعة رائعة ومميزة من الآباء والأمهات.. يعرّفون بأنفسهم بأسماء أبنائهم في الروضة.. ويتناقشون طول الوقت حول الروضة وكيفية حل مشاكلها وتطويرها.. كانت الاجتماعات تدار باحترافية مثل اجتماعات الشركات.. هناك رئيس للمجلس هو الذي يدير الاجتماعات.. وكل اجتماع يتم تعيين أحد الآباء لتدوين ما يتم في الاجتماع.. ويسير الاجتماع حسب أجندة تم توزيعها على الجميع قبل أسبوعين على الأقل من الاجتماع.. وبعد الاجتماع بيوم أو يومين يتم إرسال محضر الاجتماع إلى الجميع..

كانوا يتناقشون في كل شيء يدخل ضمن صلاحياتهم.. نظافة الروضة.. الأنشطة التي تقدم للأطفال في الروضة.. مشاكل المعلمات.. كيفية الترويح عن المعلمات والحفاظ على مستوى عال من الراحة النفسية لقناعتهم بأن المعلمة إن كانت مرتاحة نفسياً فستبدع مع الأطفال.. وإن كانت متضايقة ونفسيتها متعبة فستتعامل مع الأطفال بنزق وحدّة.. كانوا يتناقشون في أنظمة البلدية وقوانينها الجديدة.. وكل من يستطيع أن يقدم أو يساهم في حل شيء مما يطرح في الاجتماع كان يبادر فوراً.. هناك شعور عام في مجلس الآباء بأننا نناقش قضايا تهم أطفالنا.. وكان كل الأطفال هم أبناء الجميع..

.

الآباء والأمهات ينظفون، يساعدون، يعملون

خلال زياراتي المختلفة للمدرسة.. كنت أرى الأب أو الأم الذي حان دوره في العمل منهمكاً مع طاقم المدرسة في سائر الأعمال المختلفة.. تقديم الطعام للأطفال.. التنظيف بعد الأكل.. اللعب مع الأطفال.. مساعدة الأطفال في ارتداء ملابسهم عند الخروج للعب (خصوصاً الملابس الثقيلة في الشتاء).. كان من يقوم بذلك هم من أعرف من الآباء بعلو مراكزهم.. التأفف من العمل وطبيعته ليس معروفاً عن السويديين.. كان كل طفل يرى أباه (بجلالة قدره) يقوم بهذه الأعمال أمامه وأمام كل الأطفال.. وبالتالي يغرسون تلقائياً في نفوس أطفالهم قيمة التواضع.. وعدم التأفف من العمل مهما كان..

وحان دوري.. في أول يوم شرحت لي المسؤولة الجدول اليومي للعمل وما هو متوقع مني.. وقضيت أسبوعاً كاملاً على هذا المنوال.. أوزع الطعام على الطاولات (ليقوم وليد بعد ذلك بدعوتهم للطعام).. أغسل الصحون.. أنظف الطاولات بعد الأكل.. أرتب الألعاب في أماكنها بعد أن ينثرها الأطفال في كل مكان.. أشرف على الأطفال في الرحلات الخارجية.. ألعب مع الأطفال (وهذا كان أكثر الأنشطة قرباً من قلبي)..

حينما عملت لأسبوع في الروضة.. عرفت القيمة الحقيقية للروضة التعاونية.. كنت أعيش مع الأطفال كل يوم.. نلعب ونمرح سوية.. اقتربت كثيراً من هؤلاء الأطفال.. وأحببتهم كثيراً.. أصبحت أعرف طباع كل واحد منهم.. ألعابه المفضلة.. لونه المفضل.. ما يحب وما يكره.. لقد كانت هذه الروضة تبني مجتمعاً صغيراً من مجموعة من العوائل حول هؤلاء الأطفال.. الكل يهتم للكل.. والكل يشعر بأن كل طفل هو ابنه.. وعليه أن يرعاه ويهتم به..

هل قلت لكم أن عدد أطفال الروضة كلها لا يتعدى العشرين طفلاً؟.. بالتالي كان مجتمعاً صغيراً.. محكماً..

*   *   *

لا زلت أذكر في أحد اجتماعات الآباء، كنا نناقش مشكلة نقص في المعلمات لأن إحداهن أخذت إجازة مرضية  مما شكل ضغطاً على بقية المعلمات وأثّر على نفسياتهن.. اقترحت إحدى الأمهات أن يتم ضم أطفال الروضة إلى روضة أخرى مجاورة في بعض الأنشطة للتخفيف على المعلمات.. ولكن على الفور انتفض اثنان أو ثلاثة من أولياء الأمور برفض شديد لذلك.. وأن الاختلاط بهذا الشكل سيؤثر على مستوى الجودة الخاص بمجتمعنا الصغير وأنهم يرفضون ذلك.. لاحِظوا أنهم يتحدثون عن روضة أخرى سويدية تعمل بمقاييس عالية أيضاً!..

.

هل يمكن تطبيق هذه التجربة في بلادنا؟

كل ما رويت هذه التجربة المثيرة لأحد أصدقائي.. كنا على الفور نتساءل: ترى هل بالإمكان تطبيق هذه التجربة في بلادنا؟.. هل يمكن إقناع الآباء والأمهات بالعمل في مدارس أبنائهم ولو بشكل رمزي؟ كيف ستنجح هذه التجربة في مجتمعاتنا التي تتعمق فيها الطبقية والمناطقية والعصبية؟ كيف ستنجح هذه التجربة ونحن ننظر دوماً إلى المعلم والمعلمة بنظرة الدونية.. لدرجة أن العديد من الآباء والأمهات يتهجمون على المدرسين والمعلمات لأتفه الأسباب وأمام أبنائهم؟ ..

أم يا ترى هل ستكون مثل هذه المدارس نواة لمجتمعات جديدة لا تحمل هذه الآفات؟ مجتمعات جديدة تؤمن بالمساواة.. وقيمة العمل.. تؤمن بقيمة المعلم.. وأهمية الاهتمام براحته النفسية لأقصى حد.. تؤمن بأهمية الاهتمام بالطفل وبناء بيئة عامرة بالثقة حوله..

تؤمن بأن ما سيبقى للغد.. وما سيعمر المستقبل.. هو البعد عن خلافاتنا.. والآفات المنتشرة بيننا.. والاهتمام بالمهم..

الاهتمام ببناء أطفال قلوبهم عامرة بالحب.. والإنسانية.. والحياة..

.

 

 

الروضات في السويد تخرج في رحلات شبه أسبوعية للغابات والمناطق المجاورة


وفي الشتاء يخرجون للعب بالثلج.. عالم الأطفال الجميل!

في رحلاتهم الخارجية، يشجعون الأطفال على اكتشاف الطبيعة بأنفسهم.

ملحوظة: لدي الكثير من الصور الجميلة للأطفال وهم يمارسون الأنشطة المختلفة في الروضة، ولكن حسب القوانين لا يمكن نشر صور لأطفال في الوسائل الإعلامية تظهر الوجه إلا بتصريح من والديهم.

 

 
6 تعليقات

نشر بواسطة: في 28 سبتمبر 2017 بوصة Uncategorized

 

أكثر من 30 تطبيق تعليمي منتقى وآمن لأطفالكم


بين يديكم أكثر من 30 تطبيق أطفال مميز ومفيد وآمن، تم استعراضها في الموسم الأول من البرنامج اليوتيوبي ( 30 تطبيق أطفال في 30 يوما) والذي أقوم بإعداده وتقديمه..

جمعتها هنا بروابطها لتكون أسهل في الوصول إليها..

 

أولاً: برامج تعليم الحروف العربية:

(Zee Alef Ba)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/YXvhjU
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/wSiJ2P

 

(Zee’s Alphabet)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/vWaVHJ
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/stNQIl

 

(تعلم والعب: الحروف)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/dwY5iy
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/tT3Zzg

 

(يلا حروف)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/wiqDQp

 

(واحة الحروف)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/xmpIkG

 

(تحدي الحروف العربية)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/lkZQ8M

 

(نان وليلى)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/jYo8PZ

 

(تعلم معي)


للآيباد فقط:
https://goo.gl/ngukZg

 

(حروفي المرحة)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/17loKF

 

(رحلة في عالم الحيوانات)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/wvNTEt

(My Arabic Alphabet)
للآيباد فقط:
https://goo.gl/yIlqkT

 

(ألف باء)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/KmVkNa

 

 

ثانياً: تطبيقات مجلات الأطفال لتشجيعهم على القراءة:

 

(مجلة العربي الصغير)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/X72zr7
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/xrTbKX

 

(مجلة باسم)


للآيباد فقط:
https://goo.gl/Gf1nHL

 

(مجلة خالد)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/XdkmYp

 

(مجلة وطني)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/RXufDv
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/9KUgFe

 

(مجلة نور)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/WSVtIS
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/QPLqCl

 

(مجلة ماجد)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/RsZPT0
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/kLMcXI

 

(مجلة فارس)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/SKlfw0
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/oORvSE

 

 

ثالثاً: تطبيقات أجنبية تعليمية مجانية (وقفية):

 

(Moose Math)


برنامج جميل لتعليم الرياضيات.
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/pkwiHx
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/2e9Mn1

 

(Build A Truck)


لعبة تعليمية، بناء سيارة وقيادتها.
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/aAORku
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/LMiSQq

 

(Fish)


تعليم الحروف الإنجليزية والأرقام والأشكال.
للآيباد فقط:
https://goo.gl/RxEbCf
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/eq0e6z

 

(Peek-a-Zoo)


أسئلة وألغاز تعليمية.
للآيباد فقط:
https://goo.gl/BN7ciz

 

(Superhero)


للأطفال محبي الرسم والملصقات.
للآيباد فقط:
https://goo.gl/Yr8BtI

 

 

رابعاً: تطبيقات عربية مميزة:

 

(لعبة الوقت)


لتعليم الأطفال قراءة الساعة.
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/APJc7w
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/3RjEGI

 

(أسئلتي المرحة)


أسئلة متتابعة للأطفال تزيد من حصيلتهم اللغوية.
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/Ezrtmo

 

(آبي أوشنز)


تعليم الحيوانات البحرية وأسمائها.
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/h2xMi2
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/tCmvDO

 

(القزم Gnome)


قصة تفاعلية.
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/wbzMsF
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/fegWcN

 

(Digi Jungle)


تعليم العد بطريقة تقنية مبتكرة.
للآيباد فقط:
https://goo.gl/mkE99J
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/xcf6aO

 

(Karazah)


قناة تلفزيونية تعليمية.
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/0q3U6a
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/tJPEkD

 

 

خامساً: تطبيقات دينية:

 

(عدنان معلم القرآن)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/tmkPkr
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/cJOZqg

 

(أذكاري اليومية)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/Tc2eDM
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/5I3bEM

 

(بستان الأحاديث)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/zh58eS
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/7psbV6

 

(المصحف المدرسي)


متوافق مع الخطة الدراسية في السعودية
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/FnZ33f
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/16DCpB

 

(الوضوء والصلاة)


للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/cCLzRv
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/1WGuL7

 

(The Sira)


السيرة النبوية
للآيباد والآيفون:
https://goo.gl/wPJgUW
لأجهزة وهواتف الأندرويد:
https://goo.gl/B08N5S

 

 

لمزيد من المعلومات عن أي من هذه التطبيقات، يمكنكم مشاهدة الحلقات الخاصة بذلك على قناة اليوتيوب:
https://goo.gl/6Kc7Qh

 

 

 
أضف تعليق

نشر بواسطة: في 3 جوان 2017 بوصة Uncategorized

 

لماذا لا يكون لدينا مشاريع للأطفال مثل زهرة مايو؟


مشاريع تبرعات، عصبها، وروحها، الأطفال!

زهرة مايو..

هل سمع أحدكم بها؟

زهرة مايو ارتبطت بدولة السويد، نحن لدينا تصورات قديمة عن دولة السوبد، منها أنها البلد الأكثر رفاهية في العالم، وأنها البلد الأول في نسبة الانتحار في العالم (وهي معلومة مغلوطة بالمناسبة)، ومؤخراً زاد الحديث عن السويد على أنها (جنة الشمال) لعدة عوامل، يبدو من أهمها النشاط المكثف لحساب السويد بالعربية على تويتر، والذي نجح (بخفة دم 😊 ) في نشر الكثير من المعرفة حول السويد وثقافتها وعاداتها وتقاليدها.

ولذلك.. قد يكون بعضكم قد سمع بزهرة مايو.

 

ما هي (زهرة مايو)؟

زهرة مايو هي رمز لحملة تبرعات سنوية في السويد، تبدأ في وسط شهر أبريل، وتستمر لأسبوعين أو ثلاثة لتنتهي قبل بداية شهر مايو.

ولكن هذه الحملة ليست حملة عادية، أبداُ!

الموضوع بدأ منذ حوالي 110 أعوام، حينما قامت سيدة في مدينة غوتنبرغ بإطلاق حملة تبرعات للأطفال المصابين بمرض السل، حينها لم تكن دولة السويد قد وصلت إلى مستوى الرعاية الصحية المتكاملة للجميع وكان هناك الكثير ممن هم بحاجة للمساعدة. ونجحت الحملة بشكل لافت، قامت السيدة بتكرار هذه الحملة سنوياً حتى أصبحت على مستوى السويد كلها، وانتقلت الفكرة إلى الدول المجاورة. وفكرة هذه الحملة هي صناعة زهور صناعية كمشابك على الملابس وملصقات لبيعها وجمع التبرعات من الناس بهذه الطريقة.

مع الزمن، أصبحت الرعاية الصحية مضمونة للجميع في السويد، ولكن هذا لم يتسبب بتوقف الحملة، بل استمرت مع تغيير أهدافها لتصبح مساعدة الأطفال المحتاجين في كل مكان، ودعم مشاريع تنمية الأطفال وتطوير تعليمهم داخل السويد وخارجها.

الحملة أصبحت تقليداً شعبياً، مما قيل عنها: “لقد نجحت هذه الزهرة زرقاء نجاحاً باهراً، الكل يحتفل بها، أينما تذهب تجد هذه الزهرة معلقة على المعاطف، والبلوزات، والأوشحة، والبدل الرسمية، والقمصان. يتقلدها رجال الأعمال، الموظفون الرسميون، العمال، رجال الشرطة، الكبار والصغار، ترى هذه الوردة في كل مكان، وتشعر بأن الكل يفتخر بأنه جزء من هذه الحملة”.

وسنوياً، وعند بدء الحملة، تقوم ملكة السويد بشراء زهرة مايو بنفسها، في صور تتناقلها وسائل الإعلام.

كان اللون الرئيسي لهذه الزهرة هو الأزرق، ثم أصبحت ألوانها تتغير كل سنة، حتى أصبحت عادة عند الكثيرين أن يقوموا بجمعها وتبادلها، والبعض يفتخر بمجموعته خصوصاً إن كانت كاملة منذ تاريخ إطلاق هذا المشروع.

 

 

ما علاقة الأطفال بزهرة مايو؟

الأطفال هم العصب الرئيسي لمشروع زهرة مايو، وذلك لأنهم هم من يجمعون التبرعات!

المشروع أصبح مشروعاً وطنياً في السويد، يتم تفعيله وتشغيله عن طريق المدارس، ويشارك فيه طلاب الصفين الرابع والخامس الابتدائي في سائر أنحاء السويد. حيث تقوم المدرسة -بعد أخذ موافقة الوالدين- بتوزيع حقائب الزهور على الأطفال، وشرح الطريقة لهم، مع شرح أبعاد هذه القضية إنسانياً لهم.

الأطفال هم من ينتشرون في كل مكان في شهر أبريل، تراهم يتجولون بين الناس في الحدائق، يقفون أمام المولات والمراكز التسويقية، يدورون على المنازل، في تظاهرة ضخمة، لا ترى فيها غير الأطفال!.. يعملون بكل جهد لبيع زهرة مايو وجمع التبرعات..

وملكة السويد حينما تشتري زهرة مايو كل سنة، تقوم فعلياً باستضافة بعض الأطفال الذي يبيعون الزهرة في قصرها الملكي لتشتري منهم مباشرة.

لقد وضع مشروع زهرة مايو مشاركة الأطفال في هذا المشروع كهدف أول ورئيسي من هذا المشروع ككل، وذلك بعد أن أدركوا حجم الفائدة الكبيرة التي يستفيدها الأطفال المشاركين أنفسهم من مشروع زهرة مايو، وعلى الأخص زيادة الحس الإنساني لديهم والتعاطف مع الغير.

والمشروع مستمر في النجاح، أعداد الأطفال الذين يشاركون تزداد عاماً بعد عام، كما يتزايد حجم المبالغ التي يتم جمعها كل عام، حيث وصلت في العام الماضي 2015 إلى أكثر من خمسين مليون كرونة سويدية.

 

ماذا يستفيد الأطفال من مشروع زهرة مايو؟

  1. تنبيههم إلى أن هناك من يحتاج مساعدتهم في هذا العالم، وبالتالي زيادة الحس الإنساني لديهم.
  2. تعلمهم تحمل المسؤولية، بشكل مباشر في نحمل مسؤولية المهمة التي يريد إنجازها، وبشكل غير مباشر في مساهمته بمساعدة الأطفال المحتاجين.
  3. تعليمهم مهارات التواصل مع الناس، الشخص الانطوائي لن يبيع شيئاً، عليه أن يخرج ويقف ويتحدث مع الناس.
  4. تعليمهم مهارات البيع، طريقته في الكلام وأسلوبه يشجع الناس أكثر على الشراء منه والتبرع، كما يتعلم مواصفات العينات التي معه وأسعارها.
  5. تعليمهم مهارات التعامل مع النقود، بما أن الطفل سيبيع، معناها أنه سيستلم نقوداً من المشتري، وسيرجع له البافي، وعندما يعود إلى المنزل سيعد نقوده ويرتبها.
  6. الكثير من الأطفال يبيعون بالألافات، ومع ذلك أغلب الأطفال يوردون ما حصلوا عليه بالكامل، ومن النادر أن تحصل اختلاسات أو سرقات، إدارة المشروع تعمل على إعطائهم شعور بالثقة والمسؤولية.
  7. تعليمهم بعض المهارات التقنية: البرنامج يعطي للطفل خيار البيع عن طريق الجوال، وهذا سيزيد من مبيعاته بالطبع، حتى يفعل هذه الخدمة لديه عليه أن يتعامل مع الحاسب، يفتح حساباً في موقعهم على الإنترنت، ويتعرف بشكل جيد على طريقة البيع عن طريق الجوال، وكيف يتأكد من أن التحويل قد تم قبل أن يتمم البيعة مع المشتري.
  8. تعليمهم الكسب المشروع، وأن كسبك بقدر تعبك، حيث يحصل كل طفل على 10% من التبرعات التي يجمعها.

هل يمكن تطبيق فكرة كهذه لدينا؟

ولمَ لا؟.. المشروع يحتاج بشكل رئيسي إلى أن تتبناه جهة حكومية، ويتم إقراره في المدارس عن طريق وزارة التعليم. ويمكن في البداية تطبيقه على مدن محددة، ومناطق معينة، لاختبار المشروع والاستفادة من الأخطاء والعقبات التي تواجههم على أرض الواقع، ثم يمكن أن يتطور شيئاً فشيئاً حتى يتم تعميمه على جميع مدارس المملكة.

ونحن بطبعنا شعوب متعاطفة وكريمة، تحيط بنا الأعمال والمشاريع الخيرية من كل جانب، ونقف مع المسلمين في أزماتهم وفي المحن التي يمرون فيها في كل مكان، فلماذا لا نشرك أطفالنا في ذلك بمشاريع قوية وممنهجة تعود عليهم بالكثير من النفع، وتساهم في تطوير قدراتهم ومهاراتهم الحياتية؟

 

 

 

 

 

.

 
تعليق واحد

نشر بواسطة: في 25 أفريل 2017 بوصة مقالات, طفولة

 

حينما تكون ثقافة شركة أحذية هي توصيل السعادة!


 

 

كثيرة قصص النجاح المبهرة في عالم الأعمال من حولنا.. أشخاص بنوا مشاريع وشركات من الصفر وأوصلوها إلى نجاح مبهر لم يكن أحد يتخيله. نتناقل جميعاً قصص نجاح شركة أبل ومؤسسها الفريد ستيف جوبز، شركة مايكروسوفت ومؤسسها بيل غيتس أغنى رجل في العالم، الواتس أب الذي تم بيعه بمبلغ خرافي، جوجل التي سيطرت على قطاعات عديدة في التكنولوجيا على مستوى العالم، سامسونغ التي تنافس ميزانيتها السنوية ميزانية بعض الدول، وأحدثها قصة سوق.كوم والتي بيعت لأمازون بمئات الملايين.

ولكن.. هل سمع أحدكم بشركة بيع أحذية اسمها زابوس؟

زابوس قصة نجاح أخرى كما سنرى.. ولكن ما يميزها أنها ليست قصة نجاح مالية فقط.. بل أنشأت ثقافة داخلية مميزة أصبحت حديث الكثيرين، ثقافة جعلتها تبدو كـ (القبيلة).. ووصل الأمر بها إلى تصدير ثقافتها الداخلية للشركات الأخرى..

 

الشركة التي كادت تفلس صاحبها!

البداية كانت فعلياً أقدم من ظهور هذه الشركة.. كانت عن طريق رجل أمريكي من أصول آسيوية، يدعى توني شيه، قام بإنشاء شركة تقنية، نجحت بشكل مبهر في وقت قصير ليبيعها ويصبح مليونيراً.. ثم قام بعدها بإنشاء صندوق استثماري وحاضنة أعمال، وأخذ يستثمر في العديد من المشاريع الصغيرة الناشئة.

وأحد هذه الشركات.. كانت شركة اسمها زابوس.. وكان خلفها رجل يدعى نِك سوينمورن..

كانت لدى سوينمورن فكرة إنشاء موقع على الإنترنت لبيع الأحذية، الفكرة كانت طموحة وشجاعة، ومخاطرة في ذلك الوقت الذي وافق انهيار فقاعة شركات الإنترنت في أمريكا.. وبعد تردد وافق توني شيه على الاستثمار في هذا المشروع ضمن المشاريع العديدة الصغيرة التي يستثمر فيها..

هل هذا معناه أن توني بدأ شركة زابوس وهو غني بالفعل؟ إذن هو لم يبدأ من الصفر!.. هذا صحيح.. ولكن المسار هنا مختلف.. لقد كادت هذه الشركة أن تخسف بتوني إلى الصفر!.. كادت أن تقوده شخصياً إلى الإفلاس..

بعد أن انطلقت الشركة في عام 1999 تشكلت لدى توني قناعة أن الشركة لديها مستقبل كبير، ولذلك ركز عليها وتفرغ لها، وأصبحت هي عمله الوحيد.. وكانت الشركة تحتاج إلى تمويل أكبر من التمويل الذي استثمره فيها، ولكنه لم يجد من يقوم بالتمويل، ولذلك أخذ يمولها من رصيده البنكي حتى قارب رصيده على الانتهاء، ثم أخذ يبيع ممتلكاته الواحدة تلو الأخرى وبأي ثمن حتى يوفر سيولة للشركة حتى لا يتوقف العمل فيها.. وحينما أوشكت الشركة على الإغلاق في عام 2003 وأوشك هو شخصياً على الإفلاس وافق أحد الصناديق الاستثمارية على دعمه ومساندته، لتكمل الشركة مسيرتها، وتكتب قصة نجاح مميزة ومختلفة..

لقد كانت مبيعات الشركة تتضاعف، فقد سجلت الشركة النتائج التالية كحجم مبيعات، في عام 1999: لا شيء، في عام 2000: مبيعات بقيمة 1.6 مليون دولار، في عام 2001 مبيعات بقيمة 8.6 مليون دولار، في عام 2002 مبيعات بقيمة 32 مليون دولار. ولكن بالرغم من أرقام المبيعات التي تتزايد بسرعة مذهلة كانت الشركة تسجل خسارة آخر كل عام لزيادة تكاليفها، وبالتالي لم تكن المبيعات توفر لها أي سيولة. ولكنها كانت تعطي مؤشراً قوياً جعل توني وشريكه سوينمورن يؤمنان أكثر وأكثر بشركتهم، وحينما وافق الصندوق الاستثماري على دعمهم في 2003، لم يوافق بسبب النتائج المالية وتضاعف المبيعات، خصوصاً وأن فقاعة شركات الانترنت جعلت المستثمرين يهربون من شركات الإنترنت، ولكن ما جعل الصندوق الاستثماري يقف إلى جانبهم هو إحساسهم بالشغف الشديد الذي يحمله توني وشريكه سوينمورن تجاه هذه الشركة.

استمرت المبيعات في القفز سنوياً بمعدلات مذهلة، حتى وصلت مبيعات الشركة في عام 2008 إلى مليار دولار!

وبالطبع نجاح كهذا يفتح شهية المستثمرين، وهذا ما أدى إلى أن تقدمت شركة أمازون بعرض الاستحواذ على شركة زابوس، وتمت الصفقة في عام 2009، بقيمة 1.2 مليار دولار.

المثير للاهتمام أن الاتفاقية تضمنت أن تبقى شركة زابوس كما هي: باسمها، بموظفيها، بمكاتبها، بمستودعاتها، بعناوينها، بإدارتها.

هذا القرار يخالف أبسط الحسابات الاقتصادية في الدمج خصوصاً وأن أمازون تعمل في نفس مجال عمل زابوس وهو بيع المنتجات على الإنترنت. ولكن الغريب أنه كان برغبة وحرص من شركة أمازون نفسها..

إذن.. ما هو الشيء القيّم والفريد الذي تملكه شركة زابوس ولا تريد شركة أمازون أن تخسره بالاندماج؟..

 

 

فن صناعة (الدهشة) عند الزبون

حينما انطلقت شركة زابوس، انطلقت مثلها مثل أي شركة أخرى.. رأت فرصة تجارية معينة.. واستهدفتها..

ولكنها.. ومع الزمن.. بدأت تطور بعض المفاهيم والقيم الداخلية، التي صنعت مجد الشركة فيما بعد..

الشركة كانت عبارة عن موقع بيع أحذية.. وكانت الفكرة الرئيسية أن يعمل الموقع كوسيط بين المشتري وبين البائعين.. بمعنى أن الشركة تعرض على موقعها منتجات الشركات الأخرى.. وحينما يطلب العميل حذاءً معيناً تقوم الشركة بشرائه من الموردين وإرساله للعميل الذي طلبه..

مالياً.. هذه الفكرة لم تكن تكلف الشركة شيئاً.. لا يتم شراء حذاء إلا عند بيعه.. وبالتالي لا يتم شراء أحذية تبقى في المستودعات ولا تباع.. ولا توجد أصلاً مستودعات وتكاليف تخزين..

ولكن هذه الفكرة كانت تأتي لهم بمشاكل كثيرة.. منها أنه وبعد طلب الزبائن لأحذية معينة، يجدونها قد نفدت من عند البائعين.. إلى درجة أن أصبح أغلب ما يتم بيعه بالفعل في الموقع هي الأحذية المتبقية عند الموردين.. أما الأحذية الجديدة والتي عليها طلب من الجمهور فيتم توزيعها في السوق وتنفذ قبل أن تتمكن زابوس من بيعها على عملائها..

حينها اتخذت الشركة قراراً جريئاً بالدخول فعلياً في تجارة توزيع الأحذية.. أي أن تشتري الأحذية بالفعل وتضعها في مستودعات وتكون متوفرة لعملائها.. وبالرغم من المخاطرة الكبيرة والجريئة والتكاليف الإضافية إلا أن هذه الخطوة قفزت بمبيعات الشركة إلى مستويات عليا..

وحصلت معهم تجارب أخرى.. منها أن عميلاً اشترى حذاءً منهم، فقامت الشركة بترقية الإرسال بالبريد إليه من البريد العادي إلى البريد السريع ليصله الحذاء في وقت قياسي، مما جعل العميل يشعر بامتنان شديد، وأخذ يحدث عائلته وكل من حوله عنهم ليحضر لهم المزيد من الزبائن.. وهذا شد انتباه الشركة..

حينها.. وبعد العديد من التجارب المماثلة.. اتخذت الشركة قراراً جريئا، غير مسار الشركة ككل..

القرار كان أن تتمحور الشركة بشكل كامل حول مفهوم خدمة العملاء..

قد يبدو هذا الكلام سطحياً وبسيطاً.. ولكن هناك فرق أن يكون مجرد عبارة تتغنى بها بعض الشركات.. وبين أن يكون مفهوماً عميقاً يحرك كل عمليات الشركة..

طرحوا الموضوع على الموظفين.. وأخذ الموضوع وقتاً طويلاً حتى يتم زرعه في عمليات الشركة، وفي عقليات الموظفين، لينعكس بشكل قوي على عمليات الشركة فيما بعد..

من القرارات الأولية التي نتجت عن تبني مفهوم خدمة العملاء هو إلغاء أن تكون الشركة وسيطة في شراء الأحذية تماماً.. كانت الشركة وبعد أن أخذت تشتري الأحذية وتبيعها لا تزال تعمل أيضاً كوسيط شراء كما بدأت.. والوساطة كانت تشكل 25% من مبيعاتها، وتعتبر مالاً سهلاً بدون أي مخاطرة.. ولكن لأن هذا البند كان ينتج عنه عدم رضى من بعض العملاء لأن الشركة لا تتحكم بتوفر البضاعة لهم تماماً، قررت الشركة أن تستبعد هذا البند تماماً وتركز على العمليات التي يمكنها التحكم فيها بالكامل وبالتالي تضمن خدمة مميزة للعميل..

والمثير أنهم أغلقوا هذه الخدمة واستغنوا عن الدخل الوارد منها وهم في عزّ أزمتهم المالية في 2003، حينما كانوا مهددين بالإغلاق إن لم تحصل معجزة ويأت مستثمر وينقذهم.. هذا هو الإيمان المطلق بالهدف!

وفوراً، وفي نفس العام، أصبحوا يوفرون خدمة عملاء تعد ثورية في ذلك الوقت.. كان لديهم أفضل تشكيلة أحذية على الإطلاق على مستوى مواقع الإنترنت، وعلى مستوى محلات وأسواق الأحذية العادية أيضاً!، كانوا يوفرون خدمة الشحن المجاني للحذاء إلى أي مكان في أمريكا، والإرجاع المجاني أيضاً!، كانوا يقومون بترقية مستوى الشحن من عادي إلى مميز لتصل الأحذية إلى الزبائن خلال يومين كحد أقصى!..

كانت الشركة تعلم أن ذلك يكلفها أكثر حالياً، ولكنها على قناعة من أنهم أيضاً يبنون بهذه الطريقة قاعدة عملاء قوية ستعود عليهم بالنفع مستقبلاً.. كانت تراهن بكل قوتها على أن خدمة العملاء هي ما سيحقق لها النجاح الحقيقي.

من تجارب الشركة أيضاً أنهم ومع توسع أعمالهم احتاجوا إلى مستودعات أكبر، عرضت عليهم شركة مستودعات كبيرة أن تدير لهم مستودعاتهم، ووافقوا، ولكن نقل إدارة الأحذية إلى تلك الشركة كانت خطوة فاشلة، فتلك الشركة لم تكن تحمل هم خدمة العميل مثل شركة زابوس، وهذا نتج عنه تأخير في فرز وتوزيع البضائع الجديدة، وتأخير في استخراج الحذاء المطلوب وإرساله إلى العميل.. لم تكن شركة المستودعات تعي ماذا يعني بالضبط أن يصل الحذاء للعميل قبل وقته، أو في وقته على الأقل، ولم تكن تتشارك الهمّ في ذلك مع شركة زابوس، ولذلك قامت زابوس بالاستغناء عنهم وبناء مستودعات كبيرة خاصة بهم وتحت إدارتهم.

وجعلت زابوس العمل في هذه المستودعات على مدار الساعة، مناوبات مستمرة، فلو طلب عميل حذاءً في أي لحظة، يتم استخراج الحذاء الذي طلبه وإرساله على الفور.. من يعمل في إدارة المستودعات والخزين يرى أن هذه خطوة مبالغ فيها، فالأفضل اقتصادياً تجميع عدة طلبات ثم يقوم العامل باستخراجها في وقت واحد وإرسالها سوية بدلاً من أن يدخل المستودعات الضخمة في كل مرة من أجل حذاء واحد، وكان يمكن أيضاً أن يكون العمل في المستودعات نهاري فقط في مناوبة واحدة لتجميع وإرسال كل الطلبيات التي أتت في الليل، ولكن لأن الشركة كانت تتمحور حول خدمة العميل كانت نظرتهم مختلفة.. كان الزبون أحياناً يقوم بإجراء طلبية في المساء، ليجدها على باب منزله صباح اليوم التالي! كانت هذه الخطوة تخلق رضا غير مسبوق عند العميل.. وتجربة مميزة لا تقدر بثمن!..

المثير أيضاً أن الشركة أخذت تقتطع من ميزانيات التسويق لتصرفه على تكاليف الأنشطة الخاصة بخدمة العملاء.. الشركة كانت على قناعة بأن الزبون المندهش من روعة خدمات الشركة سيسوق لها بشكل أفضل من الإعلان التقليدي، ولذلك كانت الشركة حريصة على إدهاش كل الزبائن.

لقد تشبعت شركة زابوس تماماً بمفهوم خدمة العملاء.. ليصبح الشعار التجاري لشركة الأحذية شعاراً ليس له علاقة بالأحذية!.. حيث أصبح شعارها: أفضل خدمة عملاء على الإطلاق “The Very Best Customer Service”.

 

(الكول سنتر)، بمنظار (البراندينغ)!

حينما نظرت شركة زابوس إلى مركز استقبال اتصالات العملاء، أو (الكول سنتر)، بنظارة بناء اسم الشركة وليست بالنظارة الاقتصادية المالية المعتادة، قاموا ببناء مركز استقبال الاتصالات بشكل مختلف وغير معتاد، وأسموه (فريق ولاء العملاء).

اكثر الشركات تدير مراكز (الكول سنتر) عن طريق قياس أداء كل موظف بحسب عدد الاتصالات التي استلمها كل يوم، وهذا يجعل الموظفين يستعجلون في انهاء اي مكالمة للحصول على المكالمة التالية، وهذا في نظر زابوس لا يخلق تجربة رائعة للزبون.

في زابوس يتركون الحرية للموظف.. يثقون به وانه يعمل تماما لهدفهم وهو خلق تجربة رائعة للعميل.. لا يمانعون في أن تستمر المكالمة الواحدة مع الزبون الواحد لساعات!.

كما لا يوجد نص يتم تلقينه لموظف خدمة العملاء، بل يتركون كل موظف ليتصرف بشخصيته وبعفوية مع الزبون حتى يبني معه علاقة شخصية. ويتفاعل معه حسب احتياجاته الخاصة، ويعطون كامل الحرية للموظف ليتصرف فيما هو الأفضل في خدمة اسم الشركة، المعيار الأساسي عندهم: أن يكون الزبون راضياً تماماً من اتصاله بزابوس، مهما كان يريد.

من ذلك، حينما يتصل زيون ويسأل عن موديل بمقاس معين قد نفد من مستودعات زابوس، حينها يقوم الموظف بالبحث على الإنترنت مباشرة ويزوده بأسماء وعناوين ثلاث شركات منافسة على الأقل يتوفر عندها طلب الزبون، هم بالتأكيد خسروا هذه البيعة، ولكن موظفي (الكول سنتر) لا يهدفون إلى تجويل كل اتصال إلى عملية بيع، بل يهدفون إلى بناء زبائن على المدى الطويل.

وأغلب الشركات يرون مركز استقبال اتصالات العملاء على أنه مركز تكلفة، في جين تراه زابوس على أنه فرصة لكسب زبائن حقيقيين على المدى الطويل، هم يرون كل عميل على أنه هدف متنقل وثمين، يزداد مردوده الإيجابي على الشركة كلما زاد مستوى التفاعل الإيجابي معه والأثر الإيجابي عليه.

 

كل شركة ناجحة.. خلفها ثقافة داخلية ناجحة

حينما أنشأ توني شيه شركته الأولى التي جعلته مليونيرا.. مرّ في تلك الفترة بتجربة مهمة غرست في داخله قيماً مهمة للمستقبل..

حينما أنشأ شركته تلك.. بدأت الشركة بفريق صغير متجانس كالأسرة الواحدة.. كانوا متآلفين مع بعضهم البعض.. ويجمعهم هدف نجاح موحد.. وحينما نجحت الشركة وكبرت كان من تبعات ذلك أن تم توظيف عدد كبير من الموظفين في وقت قصير.. وفي لحظة ما أدرك توني أنه خسر مفهوم الأسرة الواحدة.. التوظيف الكبير والسريع أحضر للشركة عدد كبير من الموظفين غير المتجانسين.. الذين يسعون للنجاح الشخصي فقط.. وأصبح بالتالي العمل في تلك الشركة ليس ممتعاً بالنسبة إليه.. وهذا أحد الأسباب الرئيسية اتي جعلته يوافق على بيع الشركة حينها..

ولذلك.. حينما انطلق في قصة نجاحه الجديدة في شركة زابوس.. كان على يقين من أن الاستمرار في النجاح بلا حدود يعني أن عليه أن يحافظ على روح الأسرة الواحدة في الشركة مهما كان الثمن..

كان عليه أن يبني ثقافة داخلية مميزة وفريدة..

منذ البداية.. كان حريصاً على إقامة الأنشطة المختلفة الجماعية للموظفين.. كانت تلك الأنشطة تبني علاقات قوية ومتينة بينهم.. أحياناً كانت مكافأة الموظفين أن يسافروا جميعاً إلى منتجع معين ويقضوا فيه يومين أو ثلاثة..

ثم حدث تطور جوهري في تاريخ الشركة، ساهم في خدمة هذا الهدف إلى حد كبير..

مع تطور أعمالهم، حدث ما يحتم عليهم نقل مقر شركتهم إلى مدينة أخرى.. كانت إحدى تلك الخيارات مدينة لاس فيغاس.. والتي تم اعتمادها لتكون المقر الجديد لشركتهم ليس لأنها الأفضل اقتصادياً بل لأنها التي توفر أكبر قدر من البهجة للموظفين!.. كان حجم الفريق حينها 90 موظفاً.. ووافق 70 منهم على الانتقال للمدينة الجديدة ليكمل العمل في شركة زابوس.. كان توني وشريكه يتوقعان موافقة أقل من هذا العدد.. ولكن تفاجؤوا أن من أهم الأسباب التي جعلت أغلب الموظفين يوافقون على الانتقال هو أنهم كانوا قد كونوا صداقات ومجتمع صغير داخل الشركة ولا يريدون أن يبتعدوا عنه!..

الذي حصل هو أنه مع انتقال هذا العدد من الموظفين جميعاً إلى لاس فيغاس.. أصبحت كل علاقات الموظفين الاجتماعية داخل الشركة.. لم يكن لأحد علاقات اجتماعية خارجية أو أصدقاء قدامى أو شلل يذهب معها.. هذا ساهم بشكل كبير في تقارب الموظفين مع بعضهم البعض وخلق مجتمع صغير قوي ومتجانس.. لقد أصبحوا كالقبيلة..

حينها.. وللحفاظ على ثقافتهم الداخلية.. وقبيلتهم الفريدة من نوعها.. وضعوا قواعد إضافية في التوظيف.. من هذه القواعد أن يكون الموظف ظريفاً ومرحا واجتماعياً.. بحيث يكون عضواً فعّالا في جلساتهم التي تتم خارج العمل!.. يقول توني أنهم رفضوا بالفعل عدد كبير من المتقدمين المميزين للغاية في مجالات أعمالهم فقط لأنهم لم يكونواً قادرين اجتماعياً على الانضمام لأسرة زابوس.

وقامت الشركة ببعض الخطوات البسيطة والتي كان لها تأثير كبير في زيادة ترابط الموظفين بعضهم ببعض.. منها أن مبنى الشركة كان له العديد من المداخل.. تم إغلاقها جميعاً وتحويلها لمخارج طوارئ وتحديد مدخل واحد فقط وذلك حتى يزيدوا من فرص التقاء الموظفين بعضهم ببعض.. ومن ذلك أيضاً أنه وعند دخول كل موظف إلى حاسبه الآلي وبعد إدخال اسمه وكلمة السر تظهر له صورة عشوائية لأحد الموظفين وعلى الموظف أن يحاول معرفة اسم صاحب الصورة من ضمن عدة خيارات، وبعد أن يجيب تظهر له نبذة بسيطة عن ذلك الموظف.. تمت تسمية هذه الحركة (لعبة الوجه Face Game).. هذا جعل الموظفين يتعرفون على بعضهم البعض باستمرار خصوصاً مع زيادة عدد موظفي الشركة على مر السنوات..

أعظم أفكار شركة زابوس أتت من جلسات السمر.. وليست من مكاتب العمل.. بداية من فكرة الاهتمام بالعميل وأن تتمحور الشركة ككل حول مفهوم خدمة العملاء.. مروراً بالعديد من الأنشطة الداخلية التي زادت من قوة تماسك أسرة زابوس.. وانتهاء بكتاب ثقافة زابوس الذي أصبح علامة فارقة في تاريخ الشركة..

 

كتاب زابوس.. حيث يكتبه الجميع!

كان موظفي شركة زابوس في جلسة سمر يوماً ما.. حينها دار بينهم حديث عن مفهوم ثقافة زابوس لديهم.. وأصبح كل موظف يتكلم كيف يرى ثقافة شركة زابوس كما يفهمها هو.. حينها ظهرت فكرة كتاب ثقافة شركة زابوس..

عادة تقوم الإدارة العليا في الشركات بكتاب وثيقة ثقافة الشركة.. وتقوم بتوزيعها على الموظفين لتطالبهم بقراءتها والعمل على تبنيها.. أما في ما حدث في زابوس فكان أمراً مختلفاً.. كانت زابوس تتمتع بالفعل بثقافة قوية حقيقية تم بناؤها فعلياً مع الزمن.. كانت تلك الثقافة أكبر قيمة من أي كتاب ثقافة تقوم شركة استشارات خاصة بكتابته..

ولذلك.. كانت فكرة كتاب ثقافة زابوس.. أن يقوم كل موظف من موظفي زابوس.. بكتابة ثقافة زابوس وما الذي يميز شركته عن الشركات الأخرى كما يراها هو، وماذا تعني بالنسبة له.. من وجهة نظره كفرد حقيقي ومهم من أفراد أسرة زابوس.. ووضعوا قانوناً مهماً في هذا الكتاب.. وهو أن كل ما سيكتبه الموظفين سينشر كما هو.. لن يتم التدخل في أي شيء.. ولن يتم تعديل أو حذف أو إضافة أي كلمة على كلام أي موظف!.. ما عدا التصحيح اللغوي البسيط.. ويمكن للموظف أن يطلب إخفاء اسمه وصورته، وله ذلك.. كما قاموا بالتنبيه على الموظفين بألا يتكلموا مع بعضهم عن هذا الموضوع حتى لا يؤثر أحد على أحد.. ويكون ما كتبه كل موظف نابع من قناعته الشخصية بدون أي تأثير..

كانت جرأة كبيرة من إدارة الشركة.. ولكنهم كانوا واثقين تماماً من خطوتهم الفريدة هذه..

وبالفعل.. وُلد كتاب ثقافة زابوس.. كان كتاباً واقعياً يعرض قيم ومشاعر وأفكار حقيقية لكل فرد من أفراد زابوس.. والذين هم كلهم مجتمعين يشكلون ثقافة شركة زابوس.. وأصبح هذا الكتاب إصداراً سنوياً.. وجزءا لا يتجزأ من ثقافة الشركة.. ويتم توزيعه على موظفي الشركة.. وعلى الموردين.. والزبائن أيضاً..

الكتاب متوفر لمن أراد، ويمكن تحميله عبر هذا الرابط:

https://www.zapposinsights.com/culture-book/digital-version/download-cb

 

يمكنك زيارة الشركة.. ولا يمكتك توقع ما الذي ستراه!

أصبحت الشركة تقدم فرصة لزيارة مقر شركتها ليشعر الناس بمعنى خدمة العملاء الذي تمحورت الشركة كلها عليه.. وكيف يعمل الموظفين جنباً إلى جنب في تقديم هذا المفهوم..

المثير في الموضوع أنه قد أصبحت لدى الموظفين أيضاً ثقافة بأن يخلقوا تجربة مدهشة للزوار، تجربة لا تنسى.. وبدون أي ترتيب أو تنسيق مع إدارة الشركة!.. حينما تزور الشركة ستختلف تجربتك عن تجربة غيرك.. فالموضوع يعتمد على مَن مِن الموظفين موجود وقتها وما هي الأفكار التي خرجوا بها ذلك اليوم.. قد تجد مثلاً آلة فيشار تم تغيير شكلها الخارجي لتصبح كالروبوت.. أو موظفين يرتدون زي القراصنة.. أو ممر قد تم تحويله إلى ملعب بولينغ.. أو موظفين يغنون أغاني جماعية، أو غرفة تم تجهيزها لتكون غرفة نوم، قد تتفاجأ بموكب غنائي استعراضي لأن أحد الموظفين قرر أن يحتفل بقدوم الخريف مثلاً.. أو منصة تصوير.. أو قد تصادف زياراتك أحد الأيام التي يتم فيها إجراء التحدي الداخلي بين الموظفين لحلاقة شعر رؤوسهم على الصفر بواسطة زملائهم!

إثارة مستمرة.. هذه ليست بيئة عمل رتيبة على الإطلاق!

الجنون في تشكيل بيئة المكتب

الرسوم تملأ الجدران الداخلية للشركة

تزحلق على الثلج داخل مقر شركة زابوس!

مسابقة أكل النودلز!

مركبة فضائية وضعت لشهرين داخل مقر الشركة وتحوي غرفة اجتماعات حقيقية بداخلها

النتيجة: شركة لا مثيل لها!

الثقافة الداخلية التي بنتها شركة زابوس كانت مميزة وفريدة من نوعها.. لقد نجحوا في بناء أسرة متماسكة وقوية.. لها ثقافة مشتركة.. وذاع صيتهم في كل مكان حتى أصبح البعض يقول عنهم مازحاً أنهم عبارة عن مذهب ديني جديد!

هذه الثقافة أهّلت موظفي شركة زابوس لتشرّب هدف الشركة الرئيسي وهو خدمة العملاء.. ليقوموا بتنفيذه على أكمل وجه.. وبكل ثقة.. وينجحوا سوية بتضامنهم وترابطهم من بناء شركة وضعت اسمها وبكل جدارة مع الشركات الكبرى في أمريكا.. بل وتحافظ على اسمها وسمعتها وهويتها حتى بعد الاستحواذ عليها..

هذا هو النجاح بحق!

 

مقر شركة زابوس

الموظفين في أحد المناسبات في ساحة الشركة

توني شيه

 

 

 
أضف تعليق

نشر بواسطة: في 1 أفريل 2017 بوصة مقالات, تقنية

 

براشيم الوداع!


هل أنت مستعد لأن تموت؟

(هذا الموضوع ليس موعظة دينية.. أنا لست شيخاً 🙂 … بل تفكير عملي..)

 

تخيل معي لو أنه، ولأي سبب من الأسباب، أبلغوك الآن، فجأة، بأن أمامك دقيقتان وستموت..

دقيقتان.. وستنقطع فيها عن هذا العالم.. تنتهي حياتك.. وتنتهي صلتك بكل من حولك..

ترى.. ماذا ستفعل في هاتين الدقيقتين؟

توقف الآن عن القراءة.. وتخيل فعلاً أنك في هذا الموقف!.. دقيقتان.. أمامك دقيقتان!..

أنا أتحدث بشكل جدي.. أمامك دقيقتان وستموت!

ما هو أول شيء ستفعله؟!

 

نتحدث كثيراً في مجالسنا.. وفي رسائل الواتس اب التي ننسخها ونرسلها للكثيرين دون حتى أن نقرأها بالكامل.. وفي خطب الجمعة.. وفي مجالس العزاء.. عن الموت.. والاستعداد للموت.. ونتعامل كلنا مع هذا الحديث ببرود وكأننا جاهزون للموت..

أو بالأصح.. وكأن الموت لن يأتينا الآن.. وسنكون جاهزين له حينما يأتي!

لدينا قناعة داخلية لا نصرح بها أن وقتنا لم يحن الآن!.. أليس كذلك؟

دعني أسألكم.. في آخر عشر وفيات تمت حولكم.. لأقارب أو معارف.. أو حتى لأشخاص معروفين في المجتمع.. مَن مِن هؤلاء كان يتوقع الموت؟ مَن مِنهم كان جاهزاً له حينما أتى؟

شخصياً.. في حياتي كلها.. لا أعرف أشخاصاً ماتوا وكانوا يتوقعون الموت إلا حوالي أقل من عشرة.. من ضمن مئات!..

وهؤلاء كانوا يتوقعون الموت لإصابتهم بأمراض خطيرة لا شفاء منها.. أشهرها السرطان..

أما البقية.. فكلهم.. بلا استثناء.. لم يكونوا يتوقعون قرب لحظتهم.. بما فيهم كبار السن!..

 

توفي والدي منذ حوالي شهر ونصف.. كانت وفاته صادمة لنا جميعاً.. لم نكن نتوقعها.. ولم يكن أحد يتوقعها.. ومررنا بلحظات عصيبة لا يدركها إلا من فقد أباه أو أمه.. أو شخص عزيز عليه ونادر الوجود..

والدي تجاوز الثمانين من العمر.. ولكن هذا لم يكن سبباً لأن نتوقع رحيله.. فمن يعرف والدي رحمه الله يعرف أنه يهتم كثيراً بصحته.. له نظام غذائي صارم لا يتجاوزه إلا نادراً.. ويحرص على المشي.. وحتى آخر عمره رحمه الله كان يسبقنا ويسبق أحفاده في المشي.. كان نشيطاً وعالي الهمة.. يدبر أموره بنفسه..

أبو والدي، جدي رحمه الله كان قد توفي وقد تجاوز المئة عام، وتوفي بحادث وليس بسبب كبر السن والأمراض التي تصاحبه..

كل هذا جعلنا جميعاً لا نتوقع وفاة والدي.. بالتأكيد بقي له عشر أو عشرين عاما!.. هكذا كانت تحدثنا أنفسنا..

وأعتقد.. والله أعلم.. أنه هو نفسه لم يكن يتوقع هذه اللحظة..

 

بعد وفاة والدي رحمه الله لم نجد له وصية.. وهذا الأمر غريب نوعاً ما لمن يعرف شخصية والدي الحريصة على ترتيب كل التفاصيل.. الذي عودنا منذ الصغر ألا نخرج من المنزل إلا على وضوء تحسباً لأن يدركنا وقت الصلاة.. وأن يكون في جيبنا دوماً مفتاح احتياط للسيارة في حال أقفلنا الباب على مفتاحها بالغلط.. وأن نقوم دوماً بتصوير جميع أوراقنا الرسيمة وحفظها في ملف تحسباً لضياعها.. وأن نحل واجباتنا المدرسية حتى لو لم نكن متأكدين هل هو واجب أم لا..

كان أبي حريصاً على الاحتياط والترتيب المسبق لكل أمور حياته..

ومع هذا.. لم نجد له وصية..

 

بعد وفاته.. وقعنا نحن أبناؤه وبناته في حيرة..

ترى هل لأحد من الناس حق على والدي؟

نحن يغلب على ظننا -بحكم معرفتنا بأبينا- أنه لم يقع في الدَّين.. فهو يكره الدين ويرى أنه مذلة للرجل.. وعاش رحمه الله عيشة كفاف مستورة..

ولكن أبي كان له باع في أعمال الخير.. كان يتولى شؤون العديد من الأسر المحتاجة من الأقارب والمعارف وأهالي بلدتنا.. وبالتالي كان يتلقى تبرعات وأمانات ممن يثقون به ليوصلها لهم..

ترى هل عنده أمانات حالياً؟ هل توجد في ذمته أموال لآخرين؟

لم يترك لنا رحمه الله أي معلومة جاهزة!

وأحتاج الموضوع بحثاً دقيقاً وتحليلاً للحركة المالية في حساباته، والنقد المتوفر عنده.. وسؤال من نعرفهم ممن يوصلون له الأمانات.. حتى أستطعنا حصر الأمانات بعد أسابيع.. لإيصالها إلى أصحابها..

 

وكانت هناك تفاصيل أخرى، تمنينا لو أنه أبلغنا بها قبل وفاته.. مثل كلمة سر جهاز الكمبيوتر الذي يحتفظ فيه بإرثه الشعري.. ومن هي بالضبط الأسر المحتاجة التي يتولاها، وكيف.. وغير ذلك..

 

ما حصل.. جعلني أفكر كثيراً..

والدي دخل لينام.. وتفكيره مليء بالآمال والألام والأحلام.. لتكون هذه نومته الأخيرة..

وبعد وفاة والدي تزايدت أخبار الوفيات من حولنا.. في أيام العزاء توفيت والدة صديق، ووالد صديق آخر.. وابن عم صديق ثالث..

وإلى الآن لا يمر يوم أو يومان إلا وتأتي أخبار وفاة أحدهم.. بعضهم ممن عزانا في والدنا.. رحمهم الله جميعاً..

ما الذي يمنع أن أدخل الآن لأنام وتكون آخر نومة لي؟

الاحتمالية واردة جداً..

ستقولون جميعاً: لا.. ليس الآن.. لم يحن وقتك بعد.. أمامك عمر طويل لتعيشه..

ولكن كل هؤلاء الذين ماتوا جميعاً كانوا يسمعون هذا الكلام.. ويقولونه لغيرهم..

إذن.. لنفكر بواقعية..

الموت حق.. وقد يأتيك في أي لحظة..

فلو تخيلت أنك ستموت الآن.. وسينقطع اتصالك تماماً بعالم الأحياء.. ما هي الرسائل التي تتمنى أن توصلها لنا؟

ما هي الرسائل.. أو الأخبار.. أو المعلومات التي تتمنى أن توصلها لزوجتك وأولادك الذين يلتفون الآن ويبكون حولك؟

 

بالنسبة لي.. وضعت حلاً.. وأسميته: براشيم الوداع!

البراشيم.. لمن لا يعرفها.. هي تلك الأوراق الصغيرة التي يستخدمها الطلاب للغش في الاختبارات.. يكتبون عليها ما يستطيعون من معلومات من الكتاب.. ويتفنون في صغر حجمها حتى يتمكنون من إدخالها إلى قاعة الاختبارات واستخدامها بخفية.. كما يمكنهم من تمريرها لبعضهم البعض..

وبراشيم الوداع.. هي مثل براشيم الاختبارات.. ورقة صغيرة.. يمكنك وضعها في محفظتك الشخصية.. بحيث لا تثقل عليك.. ويمكن لها أن تبقى بين بطاقاتك البنكية والثبوتية بدون أن يكون لها أي وجود يذكر..

وأن تضعها في محفظتك أمر مهم.. لأن المحفظة هي من أول الأغراض التي تفتح من أغراض الميت.. أما إن خبأت الورقة في مكان آخر كأحد أدراج غرفتك مثلاً فقد تضيع بدون أن ينتبه لها أحد.. كما أن وجودها في المحفظة يعطيها مصداقية عالية.. وأنها حديثة وليست قديمة..

أما ما تحويه هذه البراشيم.. فهي بكل بساطة كل المعلومات التي تهمك أن تصل لأهلك..

شخصياً.. فكرت بما يلي:

فكرت في أن أسجل في ورقة صغيرة من لهم حقوق علي.. ولا أعني بهذه الحقوق الديون فقط.. بل هي تشمل بالإضافة إلى الديون: الأمانات، التبرعات، وأيضاً الدفعات المالية لبعض المشاريع.. تخيل مثلاً أنك مسافر وأعطاك صديق مبلغاً من المال لتشتري له شيئاً.. هذه أمانة.. ويجب أن تسجل..

يمكنك أيضاً أن تضع قائمة بمن تطالبهم بحقوق.. حتى لا يضيع حق زوجتك وأولادك من بعدك..

فكرت في أن أضع قائمة بحساباتي البنكية.. في أي بنك.. وما هي أرقام الحسابات.. (تخيل أن تذهب عن هذا العالم ولديك رصيد في بنك ما تركته لأولادك.. ولكن لا أحد يعلم به.. وبالتالي يتجمد في البنك ولا أحد يسأل عنه!)

ويمكن للمعلومات في هذا السجل الصغير أن تزيد حسب كل شخص.. قد ترى أن تضع فيها كلمة سر جوالك مثلا.. أو كلمة سر كمبيوترك.. أو مثلا مكان وجود وصيتك.. قد تحوي بعض الأسرار المهمة والخطيرة التي لا تجرؤ على كشفها في حياتك كأن يكون لك زوجة وأولاد في مكان آخر لا أحد يعلم بهم!

وقد تضيف لهذه الورقة أيضاً قائمة بأسماء من ترى أنك أخطأت بحقهم ولم تكن لك الجرأة للاستسماح منهم.. على الأقل دع أهلك وأبناءك يقومون بذلك.. وكن على ثقة من أنهم سيفعلون المستحيل من أجلك بعد وفاتك.. حتى لو أن شخصاً حقيراً أعتدى عليك في حياتك قد تجد أبناءك يذهبون إليه بعد وفاتك ويطلبون منه أن يسامحك، لأنهم سيدركون حينها أنك في قبرك بحاجة إلى كل حسنة حتى ولو كانت من أشر الناس حولك..

وإن كانت هذه المعلومات كثيرة.. أو تراها سرية وتخشى أن تُعرف الآن.. فيمكنك أن تضعها على ملفات في هاتفك أو كمبيوترك.. بشرط أن تكتب أين هذه الملفات وكيفية الوصول إليها وكلمة السر في ورقة وتضعها في محفظتك.. ويمكنك أن تغير كلمة السر كل شهر وتقوم بتحديثها في الورقة لضمان مستوى أعلى من السرية..

 

لا تتهاونوا في الأمر.. طالما أن احتمال رحيلك عن الدنيا قائم في أي لحظة.. فقد تكون بعد قليل.. انزع الآن ورقة من أقرب دفتر إليك..

وابدأ في الكتابة..

 

 

 

 

 

 

 

 

 
أضف تعليق

نشر بواسطة: في 8 فيفري 2017 بوصة مقالات

 

أبو صائب معمر يعيش بثلثي رئة واحدة


هذا الحوار تم مع جدي محمد الحجي رحمه الله عام 2002، وكان وقتها قد تعدى عمره المئة عام.. أجرته الزميلة الصحفية غادة جوابرة.. ولم ينشر حينها..

 

وأنشره الآن..

مع كل الشكر للزميلة غادة جوابرة..

والدعاء بأن يتغمد الله جدي بواسع رحمته.. ويدخله الفردوس الأعلى من الجنة

 


 

أبو صائب معمر يعيش بثلثي رئة واحدة

scan0555

– تنبأ الطبيب بوفاتي بالسل خلال أسابيع، فمات الطبيب، وعشت أنا بعدها أكثر من ستين سنة!

– ثلاث من حفيداتي أصبحن جدات!

– ألقيت خطاباً ضد الاحتلال الفرنسي على ظهر سفينة فرنسية!

– حضرت موقعة ميسلون، ويوسف العظمة استشهد بشظية في رأسه.

 

حوار _ غادة الجوابرة

بدأ ( أبو صائب ) محمد محمود الحجي حياته في بلدة قارة السورية ، سنة 1900م ، وهو الآن في السنة الثانية بعد المائة ، قد لا يكون هذا الأمر استثنائيا ، و لكن ما يجعله كذلك أنه و اصل مسير ة حياته بعد أن بلغ عمره 38 سنة بثلثي رئة واحدة فقط ، إثر إصابته بداء السل ، الذي أجهز على رئته اليمنى و ثلث رئته اليسرى ، و بالرغم من أن الأطباء حينها أجمعوا على اقتراب أجله ، إلا أن الله سبحانه وتعالى أراد لحياته أن تطول ، و كان نوع الغذاء الذي تناوله الجد ( أبو صائب ) السبب الأبرز في تماثله للشفاء بعد عناية الله تعالى ـ و هو الآن جد لـ 257 حفيد..

عن حياته و ما حفل فيها من أحداث كان لنا معه اللقاء التالي :

 

* بماذا تحدثنا عن بداية حياتك ؟

– بدأت حياتي سنة 1900 م في بلدة (قارة) الواقعة شمال العاصمة السورية دمشق ، تلقيت العلم إلى الصف الثاني ابتدائي فقط ، لأن والدي طلب مني أن أرعى الغنم، كما أنني درست لمدة سنة عند الشيخ عبدالقادر قصاب في بلدة (دير عطية) المجاورة لقريتنا، ، و عندما بلغت 23 من عمري سافرت إلى الأرجنتين ، بقيت هناك ثماني سنوات ، تزوجت من ( أنيتا كومو ) عام 1927 م و هي فتاة أرجنتينية ، من أصل إيطالي و صار اسمها بيننا (أنيسة) ، كان عمري حينها 27 عاما بينما كان عمرها 16 عاما ، و أنجبت 12 ولدا ، ثلاثة منهم ولدوا في مدينة قرطبة ( Cordoba ) في الأرجنتين ، و عدت بعدها إلى سورية عام 1931 م إلى بلدتي قارة بثروة جيدة استطعت أن أؤمن معيشة جيدة من خلالها ، وأنجبت في بلدي 9 أولاد ، و أصبح اليوم عدد أحفادي 257 حفيدا من تسعة جدود، ( خمس نساء و أربع رجال )، ولي ثلاث حفيدات أصبحن جدات ، و في عام1970 م حججت مع زوجتي إلى بيت الله الحرام.

عملت في الزراعة ، و شكلت جمعية زراعية عام 1944 م ، و هي جمعية خيرية هدفها مساعدة أهل القرية في زراعة الأرض حيث كنا نقرض الفلاحين المال لحل أزماتهم على أن يسددوا ما اقترضوه بعد جني المحصول ، و قد أقامت الجمعية مطحنة آلية لطحن الحبوب كالقمح وغيره ، التي لا زالت إلى الآن موجودة في القرية ، و كان إحضار هذه المطحنة في يومها فتحا عظيما لأن الأهالي كانوا يعانون المشقة و المشاكل من المطاحن القديمة التي كانت تعمل على نهر الماء و كانت بطيئة جدا ، وكانت أكياس الحبوب المكدسة في المطحنة معرضة لتأثيرات ضارة كالرطوبة و الفئران وكان البديل عنها الذهاب إلى البلدات الأخرى كالنبك أو لبنان وكان في ذلك مشقة، و من ثم عُينت (مختارا) للبلدة مدة ستة عشر عاما ، و حاولت من خلالها أن أقدم للبلدة خدمات كثيرة و كان أهمها إعادة الطريق العام إلى البلدة بعد أن كان يبعد عنها مسافة 2 كيلومتر . ثم افتتحت محطة بنزين على الطريق العام (دمشق – حمص) ، و بعدها اشتريت مجموعة من السيارات و أجرتها لسائقين يعملون في مدينة دمشق .

 

* ذكرت أنك سافرت إلى الأرجنتين عندما كنت في الثالثة والعشرين من عمرك، فهل كان لك نشاط عام هناك؟

– نعم، فقد أسست في قرطبة (الجمعية الإسلامية)، وكان رئيسها الفخري شكيب أرسلان رحمه الله، وكان رئيسها الفعلي أحمد إبراهيم صالح من قرية (الفيكة) في لبنان، وكنت أمين الجمعية لأنني كنت أجيد الكتابة بالعربية.

 

* وهل مرت بك في المهجر أحداث هامة ما زلت تذكرها؟

– في طريق العودة إلى الوطن كنت مع أسرتي في سفينة فرنسية اسمها (شامبليون)، وكانت سوريا لا تزال تحت الاستعمار الفرنسي، وكنا نخترق المحيط الأطلسي مقتربين من جبل طارق، فكتبت خطاباً وحفظته للحظة المناسبة، وحين وصلنا إلى جبل طارق صعدت على ظهر السفينة وصرخت بأعلى صوتي: “إلي يا أبناء العرب إلي” ثلاث مرات، فتجمهروا حولي، فخاطبتهم قائلاً: “لقد كنتم في بلاد مستقلة يتحقق فيها العدل والمساواة.. والعزة والكرامة.. واليوم تعودون إلى بلادكم المستعمرة.. وفيها الظلم والذل والهوان.. وعندما تنظرون إلى هذا الجبل لا تنسوا آثار أقدام أجدادكم على الصخور يوم فتحوا الأندلس.. وبقوا فيها ثمانية قرون.. وما أخرجهم منها إلا الفرقة والخلاف.. عودوا إلى بلادكم.. وانشروا في شعوبكم الوعي.. وانصحوهم بالتزام الوحدة والتآلف حتى نعود إلى قوتنا وعزتنا.. وحتى نتخلص من الاستعمار الفرنسي…”.. وقد علم القائد الفرنسي بكلامي وأنني تعرضت لفرنسا وأنجلترا، فجاء يطلب الخطاب المكتوب، ولكن أحد الركاب السوريين من مدينة حماء أسرع وأخذ الخطاب ومزقه وألقاه في البحر، كما أن جموع العرب التفت حولي لتحميني، وهكذا مرت الحادثة بسلام.

 

* أصبت بداء السل ، وتعافيت منه ، و كان للغذاء كما سمعنا دورا في ذلك هل لك أن تحدثنا عن هذا الأمر ؟

– بعد عودتي من الأرجنتين أصبت بداء السل سنة 1938 م ، و جلست في بلدة (حمّانا) في لبنان مدة سنتين في مستشفى ألماني وكان فيها طبيب ألماني مشهور اسمه (نُخُّو) و قد استأصل الطبيب رئتي اليمنى ، و عدت إلى بلدتي يائسا حزينا ، لا أدري لأية سويعة عمري بعد أن أقر الأطباء جميعهم أن شفائي مستحيل .

 

* و كيف كان الشفاء رغم ما قاله الأطباء؟

– نقلت إلى تل قرب مزرعة (عين البيضاء) ذات المياه الكلسية ، و أقمت بقربها مدة 200 يوم في بيت من الشعر ، و كنت طريح الفراش ، غير قادر على الحركة ، ساعدني ابن عمي في السباحة في المياه الكلسية كل يوم تقريبا ، و هو عبد الحميد الحجي -رحمه الله- الذي كان (ناطورا) للمزرعة ، إضافة إلى أن المنطقة تتمتع بهوائها اللطيف الجاف الخالي من الرطوبة ، و الأهم من هذا و ذاك أنني كنت أعتمد في غذائي على شرب حليب الماعز ، و على ما يصطاده ابن عمي من لحم طيور القطا المنتشرة بكثرة في تلك المنطقة ، و طبعا في البداية لم أستطع أن أتناول الكثير منه ، ففي اليوم الأول تناولت قطعة صغيرة ، ورويدا رويدا استطعت أن أزيد كمية من طعامي ، إلى أن وصلت إلى أربعة أو خمسة طيور في اليوم الواحد .

وقد قال الأطباء فيما بعد أن لحم القطا ساعد في ترميم رئتي ، مما ساعد على تماثلي للشفاء ، بعد أن قرروا جميعهم أنني سأموت حتما ، و طلبوا مني أن أعود إلى بلدي لأموت على فراشي ، لكنني -وبعون من الله سبحانه وتعالى- لازلت أعيش إلى الآن و أنجبت أولادا ، و أنا أعيش الآن بثلثي الرئة اليسرى ، و الأطباء الذين عالجوني فارقوا الحياة و أنا الآن أذكرهم ومنهم الطبيب (نُخُّو) الذي أرسل رسالة بعد مغادرة المستشفى بعدة سنين و هو لا يدري : أأنا حي أم ميت ؟ ولكن يقول في رسالته : يا فلان .. إذا كنت على قيد الحياة فأجبني على الأسئلة ، و الأسئلة عبارة عن (استبانة) يسأل فيها عن نشاطي و طعامي وإنجابي للأولاد.. وغير ذلك.. وقد أجبته على ذلك.. و قد بلغني بعد ذلك أن هذا الطبيب قُتِل ظلما.. فقد أطلق عليه الرصاص أحد المرضى اليائسين.

 

*علمت بأنك دخلت أيضا في غيبوبة مدة شهر كامل في حادثة وقعت معك في حمام البلدة ، هل لك أن تحدثنا عن هذا الأمر أيضا ؟

– نعم كنت أستحم في حمام أثري قديم في البلدة مع مجموعة من الرجال ، زلت قدمي ووقعت على البلاط الحار فوق بيت النار ، فجاؤوا إلي راكضين فوجدوني مغمى علي ، و حاولي إعادتي إلى حالة الوعي لكنهم خابوا ، و عرضوني على طبيب من خارج البلدة ، لكنني أُصبت بِسُبات دائم ، و قالوا بأنه لا أمل لي بالحياة ، فحملوني و عادوا بي إلى البيت ، و استمرت الغيبوبة شهرا كاملا ، لكن كتب الله لي الشفاء ، و استيقظت بعد شهر و طلبت من أسرتي أن يحضروا لي الطعام و عدت إلى حالة الوعي الكامل ، وهذا طبعا بأمر من الله سبحانه و تعالى ، و بسبب بنية جسمي القوية .

 

* هل اتبعت في مسيرة حياتك نظاماً غذائياً معيناً ؟

– لا.. أبدا.. أنا أتناول كل ما تطيب له نفسي ، و ليس لدي أية وجبة أو حمية خاصة ، لكن الهواء الجاف في منطقتنا الجبلية إضافة إلى البنية القوية التي أتمتع بها ساعداني على الاستمرار في الحياة وبثلثي رئة، و طبعا أنا لم أُدخِّن في حياتي ، و لا أجهد نفسي في أعمال متعبة، أقوم فقط بما أستطيع القيام به، و الآن ومنذ ثلاث سنوات أُصِبْتُ بداء في المفاصل ، و لا أستطيع الحركة من السرير ، و يقول الأطباء أنه نتيجة كبر العمر ،و لكن ولله الحمد من يراني لا يصدق أن عمري تجاوز المائة بسنتين ، فأنا إلى الآن لازالت ذاكرتي جيدة ، و احفظ الشعر و الأحداث التي مرت خلال الأعوام التي عشتها.

 

* عشت حياة مديدة ، شهدت فيها أحداث هامة مرت على البلاد السورية فماذا تختزن في ذاكرتك عن مرحلة الحكم العثماني التي عاشتها سورية ؟

– في بداية حياتي كانت بلادنا لا تزال تحت الحكم العثماني و الحكم العثماني في أواخره تحول من نظام الخلافة الإسلامية إلى نظام القومية التركية و ذلك عندما سيطر ( الاتحاديون ) على الحكم ، وكانت الأوضاع العامة مؤسفة للغاية ، فالاستقرار الموجود الآن لم يكن موجودا في ذلك الزمن، إذ كانت عصابات البدو تغير على زرعنا و مواشينا و بيوتنا و تنهبها جميعا ، و تقطع علينا الطرقات ، و أذكر في إحدى الأعوام عانينا من الجوع لدرجة أننا لم نلق طعاما لنأكله، فاضطررنا أن نأكل من عشب الأرض، ومن السنابل التي لم تنضج بعد .

إضافة إلى أن الحكم الاتحادي التركي القائم على العنصرية التركية الطورانية كرس حالة الجهل و التخلف بين عامة الناس ، و كان يفرض لغته و ثقافته بالإكراه ، و يعنى بإجادة اللغة التركية قبل كل شيء ، هذا إلى جانب أن التعليم لم يكن شائعا و المدارس المعدودة و قف على أبناء الأعيان الموسرين فكان معظم الناس يرسفون في أغلال الجهل و يكتفون بما تعلموه على أيدي المشايخ في الكتاتيب من مبادئ اللغة العربية و تلاوة القرآن الكريم.

و لكن أنا بقيت ثلاث سنوات أتعلم اللغة التركية إلى أن جاءنا معلم اسمه ( عبدو حمدي ) و حرضنا على التحدث باللغة العربية ، و عدم الرضوخ للضباط الأتراك الذين كانوا يضربوننا في حال رفضنا تعلم اللغة التركية ، و طلب منا أن نتشجع و نقاومهم .

ومن ثم بدأت حركة اليقظة العربية في سورية منذ بدأت البرجوازية تتعلم وتشكل طبقة جديدة، وبدأ التكوين الإجتماعي ينقلب انقلابا جذريا . إضافة إلى الإرساليات الأجنبية التي كانت نافعة للبلاد من الناحية الثقافية و العلمية بما تبثه من روح تقدمية وعلمية وإن كانت تضر .. لسعيها إلى تغريب المسلمين.

 

* حضرت موقعة ميسلون، هل لك أن تحدثنا عن ما شاهدته ؟

– موقعة ميسلون كان لها الأثر الأكبر في نفسي و لازالت ذكراها محفورة في مخيلتي و لم أكن جنديا في الجيش النظامي ..و لكن كنت من المتطوعين ، ففي صباح 24 تموز قمنا باكرا و أمرنا أن نتوجه مع ضابطنا إلى الجبهة ، و هناك سلمونا الذخيرة وسرنا و كلنا حماسة وأمل بأن يوفقنا الله لدحر الفرنسيين المستعمرين المعتدين ، و بينما نحن سائرون سمعنا في الطريق صوت هدير الطائرات فوق المرتفعات وصوت إلقائها القنابل على الذين كانوا مجتمعين في تلك التلال ، و بعد قليل بدأت المدفعية الفرنسية تصب نيرانها على جبهتنا ، و مع ذلك تابعنا مسيرنا حتى وصلنا إلى هضبة مرتفعة في الخط الثاني من الجبهة ، و كان جميعنا من صغار السن ما بين الثامنة عشرة والعشرين ، و ما كنا مُدَرَّبين ، وكانت القنابل تتساقط حولنا ، و تلفتنا حولنا ، و إذ بنا نرى جماهير كثيرة من المتطوعين الذين قُتِل منهم الكثير على التلال عائدين بصورة فوضى لا مثيل لها ، و مع ذلك تريثنا لعل أحداً يهدينا إلى ما يجب عمله ، تلا ذلك تراجع فلول الجيش النظامي .

عندها قال الضابط : يا أبنائي تهيئوا للهجوم فقد انهزم الخيالة ، و تهيأنا للهجوم و نزلنا إلى الوادي وهجمنا ، لكن المشاة انهزموا ، ثم سحب يوسف العظمة سيفه وقال :”أنا فداؤك يا سورية “، و قد جاء إلى ميسلون ، و هو على خلاف مع الملك فيصل ، و جاءته شظية في رأسه و استشهد عند (رأس القرن) ، و تم نقل جثمانه إلى ميسلون ودفن هناك ، و أمرنا بالتراجع ، عندها قررنا الانسحاب و العودة إلى دمشق مشيا على الأقدام أسوة بغيرنا ، و اتخذنا طريق الخط الحديدي المظلل بالأشجار خوفا من الطائرات التي كانت تضرب المهزومين على طريق ميسلون دمشق المكشوفة و من المؤسف أننا خلال عودتنا على طريق السكة كان يعترضنا القرويون بالسلاح ، و لولا أن عددنا كان يقارب الأربعين نفرا لكانوا سلبونا ثيابنا و سلاحنا كما فعلوا بالذين سبقونا ، و تابعنا المسير حتى و صلنا بعد العشاء إلى دورنا ، و في اليوم التالي دخل الفرنسيون دمشق قبل الظهر و عسكروا في مرجة الحشيش الأخضر “المعرض اليوم”، وهكذا بدأت فترة الاستعمار الفرنسي الذي كان أسوأ من الاحتلال التركي.

 

* ما الحكمة التي استقيتها خلال هذه السنوات من حياتك ؟

– من خلال سفري إلى الأرجنتين اكتشفت عوالم جديدة ، و تعلمت هنالك التسامح و الحياة المشتركة التي تتسم بالطيبة و مراعاة الآخرين ، إذ لا فرق عندهم بين مواطن وأجنبي و هذا يتفق مع مبادئ الإسلام التي تدعوا إلى التسامح، و هذا ما حاولت أن أعيشه في وطني دون أن أتخلى عن مبادئ ديني.

 
تعليق واحد

نشر بواسطة: في 16 أكتوبر 2016 بوصة Uncategorized

 

بريطانيا تطلق أول موقع من نوعه متخصص في حماية الأطفال من فكر الإرهاب


Untitled

الإرهاب والفكر المتطرف أصبح يقض مضجع العالم.. فبعد أن كانت الدول تعتمد على قوتها في حماية حدودها لتضمن أمنها الداخلي.. أتى الفكر المتطرف ليتسلل إلى العقول في الداخل عبر وسائل الاتصال المختلفة، ليصبح من أبناء هذه الدول متطرفين غير معروفين، يظهرون فجأة في حدث جلل ودموي.. وهذا ما جعل مكافحة الإرهاب وفكر التطرف على رأس أولويات الكثير من الحكومات..

ولكن، أكثر هذه الحكومات لم تلتفت بنفس الاهتمام إلى شريحة الأطفال، إما لعدم اهتمامهم بها وإدراكهم لخطورتها، أو لعدم فهمهم لها.. وهذا ينذر بأخطار مستقبلية، حيث أن الكثير ممن يعتنقون الفكر المتشدد هم من الشباب الصغار، وبعضهم لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، حيث وصل إليه هذا الفكر وهو في طور نشأته، ونمى وكبر معه حتى استولى على فكره بالكامل..

ولو أن هذا الشاب الصغير كان قد تحصن ضد هذا الفكر من صغره، لما وجد الفكر المنحرف مكاناً له عنده لينمو ويترعرع..

*     *     *

مؤخراً، أطلقت وزيرة التعليم البريطانية موقعاً متخصصاً في حماية الأطفال من التطرف، اسم هذا الموقع (تعليم ضد الكراهية)، وهو موجه للآباء والأمهات والمعلمين بشكل مباشر.

يقدم هذا الموقع نصائح قيمة للآباء والمعلمين في كيفية حماية الأطفال من التطرف، بدءاً من السمات المبكرة التي تظهر على الطفل وتنذر بوجود بدايات قناعات منحرفة، مروراً بكيفية التعامل معها، إضافة إلى أسس منهجية لتعليم الأطفال خطورة التطرف، وما إلى ذلك.

الموقع يعتبر lرجعاً قيماً للمعلمين والآباء والمتخصصين، وأنصح الجميع بالاطلاع عليه.

وهذا الموقع مبادرة مميزة، ولكن ينقصها الكثير.. فكان بالإمكان تقديم وسائل تعليمية شيقة يمكن للآباء والمربين استخدامها في توعية الأطفال بخطورة الفكر المتطرف، أو لعلاج بدايات الفكر المنحرف عند بعضهم، حيث أن إدراك الآباء والمربين لخطورة هذا الفكر عند الأطفال وكيفية علاجه نظريا لا يعني قدرتهم على التعامل معه بالشكل المناسب، حيث أن عقلية الطفل صعبة، وتحتاج إلى الكثير من الخبرة والمران للتعامل معها.. والأساليب المذكورة في الموقع تطلب من المربي أن يجلس ويتحاور مع الطفل بشكل مباشر، وليس كل طفل يمكن الحوار معه.

*     *     *

ترى، ونحن نرى خنجر الإرهاب يطعننا الطعنة تلو الأخرى، والأبرياء يتساقطون يوماً بعد يوم، ترى متى سنرى مبادرات نوعية تهتم بتحصين أطفالنا من الفكر المتطرف الذي يستهدف عقولهم الغضة؟

كلنا قرأنا الرسالة المبكية لوالد الإرهابي التويجري الذي فجر نفسه في الأحساء مؤخراً، الوالد الذي وقع  خبر تفجير ابنه لنفسه وقتل الأبرياء مثل الصدمة، ترى كم من المفاجآت والصدمات يحمل لنا الزمن؟ لو كان بالإمكان تحصين ذلك الولد من صغره ضد هذا الفكر، ترى هل كان أبوه، وضحاياه، وأهاليهم، وفوق ذلك وطننا الغالي، سيعيشون مأساة مثل تلك المأساة؟

CaPJNJoUEAArdtT

*     *     *

حمى الله أبناءنا.. ووطننا.. والمسلمين جميعاً.. من كل سوء..

وحمى عقول أبناءنا.. من كل فكر متسلل قذر.. لا يهنأ له بال إلا باستعباد العقول.. وحصد الأرواح..

 

 

 

 

.

 
أضف تعليق

نشر بواسطة: في 4 فيفري 2016 بوصة مقالات, تقنية, طفولة

 

معالجة قضايا الإرهاب باستخدام قصص الأطفال: رؤية في نماذج خاصة


Untitled-2

لم يكن وارداً عندي أن أكتب في يوم من الأيام مقالا تحليلياً في أعمال أدبية، ففي اعتقادي أن هذا عمل النقاد، ولا أرى نفسي بناقد.. خصوصاً وأنني أجد نفسي هنا أقوم بتحليل أعمال من إنتاجي.. وتخصني!

ولكن.. أجد نفسي هنا أمام دوافع مختلفة..

خصوصاً وأن الموضوع يتعلق بالإرهاب..

الإرهاب.. أكثر المواضيع خطورة على الساحة منذ مدة طويلة.. قضى خلالها على عدد لا يحصى من الضحايا والأنفس الثمينة.. كبّد البشرية خسائر مادية ضحمة.. ورصدت من أجل القضاء عليه أضعاف ذلك.. فرّق بين الدول.. والأمم والشعوب.. أطلق عدة حروب.. وتسبب في تأخر تطور ونمو البشرية..

والأدهى من ذلك، أنه أضل الكثيرين عن الطريق القويم، وفرق بين أفراد الأسرة الواحدة، ليقاتل الأخ أخاه.. والابن أباه..

وما نعلمه جميعاً أن أساس قضية الإرهاب هو فكر خاطئ.. حينما يتغلغل إلى عقليات ضحية من الضحايا يقلب تفكيرها رأساً على عقب.. ويجعلها تحارب المسلمات.. ولا تعترف بالمنطق.. ولا تفهم شيئاً اسمه الانسانية..

وحينما نعلم أن أكثر وقود ماكينة الإرهاب هم شباب في مقتبل العمر.. بعضهم بالكاد ترى شاربه.. يكاد يكون في المرحلة الثانوية، أو حتى المتوسطة.. حينها نوقن أن الفكر الضال يستهدف المراهقين، والصغار.. يزرع بذوره هنا وهناك وينميها حينما يجد البيئة الخصبة لذلك..

من هنا أتت أهمية محاربة هذا الفكر على الساحة التي تسبق ذلك.. ساحة الطفولة.. أن يتم تأسيس الأطفال بشكل قوي ومتين.. ويتم غرس القيم والمفاهيم الصحيحة المعتدلة في عقولهم.. بحيث تشكل سياجاً قوياً ومنيعاً أمام هذه الأفكار الضالة حينما تحاول أن تتسلل إلى عقولهم..

المهم في الموضوع.. أن نسبقهم.. ونحصن أطفالنا وأبناءنا بما نستطيع..

 

في مسيرتي في مشاريع الطفولة.. تمكنت بحمدالله من تنفيذ مشروعين يتعلقان بمحاربة الإرهاب..

وما يدفعني للحديث عنهما الآن هو ادراكي منذ فترة بضعف الأعمال والمشاريع الموجهة للأطفال التي تعالج قضية الإرهاب.. إضافة إلى ندرتها الشديدة..

كما أنني أعتقد أن الوعي بأهميتها ضعيف عموما.. عدا عن أن البعض لا يرد على باله أصلاً إمكانية مكافحة الفكر الضال بدءا من الطفولة..

ومؤخرا.. ومن خلال نقاشاتي مع بعض المهتمين… انتبهت فجأة إلى أن هذين المشروعين، بالرغم من بساطتهما، إلا أنهما مشروعين نادِرَين، لهما قيمة مميزة.. وأنه من المهم الحدث عنهما وإبرازهما، في محاولة لنشر الوعي بأهمية مخاطبة الأطفال من ناحية، وأيضاً تقديم نموذج للمهتمين من الكتاب والمؤلفين والرسامين لعلهم يستفيدون منه في إنتاج أعمال للأطفال أفضل، وأروع، تعالج هذه القضية الخطيرة من الصغر..

وليس من عادتي أن أتكلم عن أعمال تخصني.. من يعرفني يعرف ذلك.. ولكنني سأتجاوز القاعدة هنا، لأهمية ما سأطرحه.. وعلى استعداد لتقبل النقد في ذلك بكل رحابة صدر..

 

 

المشروع الأول: الإرهاب والطفولة

كنت أعمل حينها مع الأمن العام على مشاريع توعوية عامة للأطفال، وذلك حينما ضرب الإرهاب ضربته في المملكة..

حينها اختلفت الأولويات.. وأصبح بالطبع موضوع الإرهاب على رأسها..

ومما جعل القضية تتشابك أكثر حينها وتتعقد، هو ضبابية الرؤية عند بعض العامة من الشعب.. الذين كانوا يرون في ضربات الإرهاب أنها موجهة للأمريكيين، الذين هم تلقائياً أعداء لله.. وبالتالي يشعرون ببعض الرضى عن تحركات الإرهاب.. وهذا ما جعل المجالس ساحات للنقاش الساخن بين جميع أطراف المجتمع مهما اختلفت ثقافاتهم ومستوياتهم..

كانت فترة حالكة فكريا..

ويمكن تلخيصها بما حصل قبلها مع الهجوم على برج التجارة العالمي.. حينما كنت تجلس مع الناس وهم يأسون للأبرياء الذين قضوا في هذه الأبراج.. ثم فجأة يسأل أحدهم وعلى شفتيه طرف ابتسامة: بس ما حسيتوا بشي حلو وانتم تشوفون الأبراج تطيح قدامكم؟، ليتغير بعدها الحديث عن أمريكا الطاغية التي تستاهل ما أصابها متناسين الأرواح التي كانوا يأسون عليها قبل قليل، ومتجاهلين السؤال الأهم: ما هي تبعات ذلك علينا؟

ما علينا..

المهم.. وبعد بداية الهجمات الإرهابية على المملكة بدءا من عام ٢٠٠٣ مع تفجير مجمع الحمراء في غرناطة.. وتلتها هجمات أخرى.. وفي خضم الأزمة الأمنية.. انتبه مسؤولون في الأمن العام إلى أهمية التوعية الفكرية في محاربة فكر التطرف، فتحركوا في عدة حملات توعوية.. ولحسن الحظ كان للطفل نصيب منها..

في رأيي أن من انتبه لأهمية توعية الطفل في حينها نظرة ثاقبة.. وسبق الكثيرين في ذلك..

 

البداية: كان المنتج سيكون فجّاً!

تم الاتصال بي نظرا لسابق أعمال للطفولة نفذتها من قبل للأمن العام.. وتبع ذلك عدة اجتماعات..

كانوا يريدون ببساطة عملاً للأطفال يعالج قضية الإرهاب.. وكانت لديهم مسبقاً فكرة للقصة الرئيسية للعمل..

حينما اطلعت على فكرة القصة، عارضتهم بشدة..

كانت الفكرة تطرح قضية الإرهاب بشكل فج على الأطفال.. كانت تدور حول أطفال في المدرسة، أحدهم كان مختلفاً عنهم، ويتشاجر معهم كثيراً، وكان يستمع لكلام أخيه الكبير المتطرف، ثم يقوم أخوه الكبير بتفجير نفسه في عمل إرهابي!

لم تكن الفكرة تناسب الأطفال إطلاقاً!

قلت للمسؤولين، أن قضية الإرهاب قضية شائكة فكرياً على الكبار، كيف تطرحونها بهذه البساطة والسطحية على الأطفال؟!

ولم تفشل تلك الفكرة في معالجة القضية فحسب، بل إنها تعرض مجموعة من الأفكار السلبية عند الأطفال، مثلاً أن أخاك (الأكبر منك) قد يكون إرهابيا، انتبه!.. وأن أصدقائك في المدرسة قد لا يكونون أهلاً للثقة والصداقة.. كانت تضع الطفل في محيط من الشك والتوتر وانعدام الثقة حتى داخل العائلة..

عارضتهم بقوة.. ولكن أصروا على موقفهم.. وقررت أن أكمل معهم وأنا على ثقة من أن سوء القصة سيتضح لهم أثناء عملية الإنتاج..

وبالفعل.. كتبنا السيناريو حسب الحبكة القصصية التي طلبوها.. ووافقوا عليه..

ثم قمنا برسم القصة بالكامل.. وسلمتها لهم..

حينها.. قرؤوا القصة بشكلها النهائي، وأدركوا هم بأنفسهم بشاعتها للأطفال.. كلموني فوراً، وطلبوا مني أن أبدأ العمل من جديد بطريقتي، مع اعتذار جميل ولطيف..

 

الأطفال لا يمكنهم العيش في المساحات الرمادية

حينها.. دخلت في نقاشات فكرية مع نفسي، ونقاشات طويلة مع من حولي من التربويين والمهتمين بالطفولة.. حول كيفية طرح هذه القضية الشائكة للأطفال..

من أهم ما توصلنا إليه، هو أن الأطفال لا يمكنهم أن يعيشوا في المساحات الرمادية.. لا بد أن تكون الأمور واضحة بالنسبة لهم.. دائما في قصص الأطفال هناك (البطل)، و (الأشرار).. البطل الذي يمثل كل الخير.. والشرير الذي يمثل الشر بعينه.. أما الشخصيات الرمادية.. والتي هي من أصل الطبيعة البشرية، فلا يمكن عرضها للأطفال..

وبالتالي فإن المفهوم الرئيسي الذي يمكن طرحه في قصة للأطفال عن الإرهاب.. هي (نحن).. و (هم)..

(نحن).. بأهلنا وأصدقائنا ومجتمعاتنا الذين نحمل كل الخير..

و (هم).. مجموعة من الأشرار الذين يتربصون بنا وبمن نحب كل سوء..

ولا يمكن الخلط بينهم عند مخاطبة الطفل.. لا يمكن أن يكون الطفل من فئة (نحن) وزميله في المدرسة من فئة (هم).. أو أحد أفراد عائلته..

لا يمكن..

إضافة إلى ذلك.. وجدنا أن تجسيد هذه الفئة الشريرة بشخصيات واضحة في القصة يعطيها بعض الصفات البشرية.. وبالتالي يخفف من خطورتها في أعين الطفل.. عدا عن أن بعض من الأطفال يميلون للإعجاب بالشخصيات الشريرة لأنها شخصيات مغامِرة ومليئة بالمفاجأت على عكس الشخصيات الطيبة التي تكون حياتها مليئة بالرتابة، ولذلك قررنا ألا يظهر أحد من فئة (هم) أبداً، والاكتفاء بالإيحاء للطفل بأنها فئة غاية في الشر، مع تصوير شخصيات أبطال القصة، وذلك حتى يرتبط الطفل فقط بشخصيات القصة الذين يمثلون (نحن)، ولا يكون بينهم وبين الفئة الشريرة أي رابط.

وتمت كتابة الفكرة والحبكة القصصية، والتي لاقت استحسان المسؤولين في الأمن العام..

تابعنا العمل، قمت بكتابة السيناريو، ثم رسم الشخصيات والقصص الرسام المميز محمد حمزة، وقام بتصميم وإخراج الكتيب المبدع وائل الأرناؤوط..

 

وظهرت بحمدالله قصة (نعمة الأمن) للوجود..

 نعمة الأمن- غلافغلاف قصة (نعمة الأمن) لصالح الأمن العام والتي تعالج قضية الإرهاب

نعمة الأمن - الأمن العام_Page_04 نعمة الأمن - الأمن العام_Page_13

من الصفحات الداخلية لقصة (نعمة الأمن)

نعمة الأمن - الأمن العام_Page_18

وتتهي القصة بالتأكيد على نعمة الأمن العظيمة

بطلي القصة هما سلمان وأخته نورة، يتعرضان في حديثهما لبعض أخبار المآسي في الدول المجاورة، ويحمدان الله على نعم الأمن والأمان التي هم فيها، والدهما رجل أمن يسهر على راحة الناس.. أثناء وجود الأولاد في المنزل يحصل انفجار ونرى زجاج الشبابيك يتطاير، ونرى الخوف الذي ارتسم على وجه أبطال القصة، وهما لا يعرفان ما حدث، يأتي أباهما للمنزل متأخرا ويحكي لهما عن فئة شريرة لا تريد الخير للناس، في اليوم التالي يسمع الأطفال في المدرسة ببعض من يحبون، كصديق، أو معلمة، وقد تضرروا من الانفجار وهم في المستشفى، بحيث تعرض القصة للأطفال مدى المآسي التي يمكن أن تجلبها لنا الفئة الشريرة بإيذائهم لمن نحب.. وتنتهي القصة بكلام حمود صديق سلمان وهو يقول: “وسنقف كلنا صفاً واحدا ضد كل من يريد بنا سوءا، وكل من يريد أن يضرب هذه النعمة العظيمة.. نعمة الأمن”.

 

يمكن الاطلاع على القصة كاملة عبر هذا الرابط:

كتيب (نعمة الأمن)

 

المشروع الثاني: الأطفال وثقافة الاعتدال

قبل حوالي ثلاث سنوات، دار حوار بين أحد الزملاء من المهتمين بإعلام الطفل، وبين المشرف على كرسي الأمير خالد الفيصل للاعتدال في جامعة الملك عبدالعزيز، وكان من نتائج الحوار أن اتصل بي صديقي وقد رتب لي موعداً مع المشرف على الكرسي، لمناقشة فكرة مشروع إعلامي للأطفال يعزز ثقافة الاعتدال ويحارب فكر التطرف..

الشكر موصول هنا لكليهما، فقناعتهما بالقضية هي جوهر خروج مثل هذه المشاريع للنور..

التقيت بالمشرف على الكرسي، وكان مقتنعاً تماماً بأهمية توعية الأطفال والنشء، وأن غرس قيم الاعتدال في نفوسهم أريح، وأسهل، وأقل تكلفة، وأكثر نجاحاً، من محاولة علاجها عندهم بعد أن يصبحوا كباراً..

والأجمل، أنه كان مقتنعاً بتخصصنا في مجال الطفولة، فترك التفاصيل لنا، وهذا يسر لنا بناء العمل بكل حرية وحسب ما نرى أنه الأنفع لأطفالنا..

 

ثلاث قيم مهمة للأطفال في تأسيسهم ضد التطرف

تم تحديد ثلاث قيم مهمة من قيم الاعتدال ليتم التركيز عليها في المشروع، كانت القيم هي:

  1. التطرف والغلو: بأن نزرع في الأطفال مبدأ الاعتدال في أمور حياتهم اليومية، فلا إفراط ولا تفريط.
  2. قبول الآخر: بأن الآخر إنسان مثلي، ومن الخطأ اعتقاد أنني أفضل من الآخر، فقد يكون أحسن مني.
  3. ثقافة الحوار: بأن السكوت، واتخاذ مواقف غير مفهومة وبدون سبب واضح أمر خاطئ، وأن الأمور قد تحل بحوار بسيط يوضح الأمور لكل الأطراف.

على أن يتم طرحها في ثلاث قصص مختلفة، لتكون أول نتاج للمشروع.

قمنا في البداية بتحديد بيئة العمل، والشخصيات، ونتج عن ذلك شخصية (عادل)، التي تمثل البطل في هذا المشروع، وهو طفل في مدرسة ابتدائية، يعيش في أسرة عادية في المجتمع السعودي، وتم رسم هذه القصة بأسلوب جميل ومميز.

ثم بدأنا في كتابة الأفكار التفصيلية والحبكات، حينها خرجنا بحبكات مميزة، تطرح هذه القيم ببساطة للأطفال، بدون الدخول في أي معترك فكري..

cover1

أحد أغلفة قصص (عادل) المخصصة لنشر ثقافة الاعتدال بين الأطفال

ففي معالجة محور (التطرف والغلو) خرجت قصة (من أجل قلم)، والتي تحكي قصة سالم صديق عادل، الذي رأى قلماً يشبه قلمه مع عادل فهجم عليه ليأخذه وعادل لا يفهم ماذا يريد، ثم ينكسر القلم، فيتهم سالم عادل بأنه هو الذي كسره، ثم يتبين أن الذي انكسر هو قلم عادل، وأن قلم سالم لا يزال معه، ولكن سالم يأخذه العناد فينكر أنه أخطأ ويرمي بالخطأ كله على عادل، عناد سالم يجعل أصدقاءه ينفرون منه وبالتالي تقوم شلة جمعان بضمه إليهم، ولكنه لا يتحمل تصرفاتهم السيئة فيعود إلى عادل وأصحابه ويعتذر منهم، ويتعلم أن عناده الشديد وإصراره على أنه هو المصيب دائماً هو الذي جعله يخسر أصدقاؤه ومحبتهم بهذا الشكل.

story1

 

وفي معالجة (قبول الآخر) خرجت قصة (الزميل الجديد)، والتي نرى فيها شخصاً جديداً من دولة آسيوية ينضم لنادي الكاراتيه الذي يذهب إليه عادل وأصدقاؤه، يقابله الجميع بالدهشة والتوجس، خصوصاً مع حاجز اللغة، ولا يقتربون منه، ولكن عادل يبادر ويذهب إليه ويتعرف عليه، لتنشأ صداقة جديدة بينهما، ولكن جمعان يصل ليبدأ بالسخرية من هذا الطفل الجديد، يسخر من شكله، ومن لغته، ثم يضربه من دون سبب، وينتقد عادل بأنه صافحه وصادقه، ثم تحصل مباريات في الكاراتيه فيختار جمعان أن يتبارز مع الزميل الجديد ليشبعه ضربا، ولكن الزميل الجديد يفاجئ الجميع بهزيمة جمعان بكل مهارة، وتنتهي القصة بالتأكيد على معاملة الآخرين دائماً بالحسنى وأن هذه هي تعاليم ديننا الحنيف.

story2

 

وفي معالجة (ثقافة الحوار) خرجت قصة (لماذا غضب أحمد؟) نرى أحمد الأخ الأصغر لعادل يغضب فجأة حينما كانت العائلة تقضي وقتاً ممتعاً في الصالة، ولا أحد يعرف سبب غضب أحمد، ويذهب أحمد ليغلق باب غرفته عليه، ويرفض الحديث مع الجميع، والكل مندهش في المنزل من تصرفاته ويحاولون معرفة السبب، ولكن بلا فائدة، يقررون ترك أحمد حتى يهدأ، ولكنه يحل المساء وهو لا يزال غاضباً في غرفته ولا يكلم أحداً، حتى حل المساء ونام، حينها يقرر أباه شيئاً، في الصباح يصحو أحمد للمدرسة ولكنه يفاجأ بأن جميع أفراد أسرته لا يردون عليه، وكأنه غير موجود، لينفذ صبره وينفجر بالبكاء، حينها يلتفتون إليه ويقولون له بأن هذا مقلب، ليدرك بعده كيف هو شعور من يقع في موقف غير مفهوم مع شخص والشخص الآخر لا يحدثه ولا يكلمه، حينها يسأله أباه عن سبب غضبه بالأمس، فيفاجأ الجميع بأن السبب هو أن عادل وضع شاحن الآيباد مكان الشاحن الذي يشحن فيه أحمد سيارته الكهربائية، يخبره والده كيف أن الصمت زاد من المشكلة، وأنه لو تكلم وقتها لكان من السهل وضع الآيباد والسيارة الكهربائية في مقبسي كهرباء مختلفين وانحلت المشكلة، أي أن الحوار مهم ليفهمك الناس، وتفهمهم.

story3

 

قمت بكتابة الحبكة والسيناريوهات، وقام الرسام القدير أحمد حلمي بتصميم الشخصيات، ثم رسم القصص الرسام المميز محمد عبدالهادي، وأخرج القصص المخرج المبدع وائل الأرناؤوط.

وللتنويه، تم عمل القصص الثلاثة بنظام اللوحات وليس بنظام الكتب، بحيث تكون كل قصة على لوحة يفردها الطفل ليجد فيها مجموعة من القصص المتناثرة مع العديد من التسالي والألعاب، حتى تكون أكثر تشويقاً للطفل من الكتيبات العادية.. ولذلك قد تبدو الصفحات مبعثرة وغير مفهومة حين فتح ملفات هذه القصص أدناه :)..

 

يمكن الاطلاع على القصص الثلاثة عبر هذه الروابط:

مغامرات عادل 01 – من أجل قلم! (الوجه الأول)

مغامرات عادل 01 – من أجل قلم! (الوجه الثاني)

مغامرات عادل 02 – الزميل الجديد (الوجه الأول)

مغامرات عادل 02 – الزميل الجديد (الوجه الثاني)

مغامرات عادل 03 – لماذا غضب أحمد؟ (الوجه الأول)

مغامرات عادل 03 – لماذا غضب أحمد؟ (الوجه الثاني)

وماذا بعد؟

أن تزرع الفكر المعتدل الوسطي في عقول الأطفال الغضة، أفضل ألف مرة من أن تحاول علاج التطرف بعد أن يكون قد تغلغل في العقول..

نحن بحاجة إلى مبادرات على مستوى الوطن.. تصل لأطفالنا عبر كل الوسائل الممكنة.. أن تكون جزءاً من مناهجنا بشكل ذكي ومدروس.. أن يتم التركيز عليها في برامج الأطفال في القنوات الفضائية.. أن يتم تخصيص برامج إعلامية ترفيهية مسلية للأطفال تصلهم في كل مكان.. وتعمل على بث هذه القيم بأسلوب التعليم بالترفيه.. حتى لا يمل منها الطفل.. ويتشرب قيمها بكل سهولة..

 

وعلينا أن نعلم أن الكتابة للأطفال عن الإرهاب، ليست بالأمر السهل..

فأن تكتب نصاً للأطفال عن الإرهاب.. مثل أن تسير في حقل من الألغام بكل رشاقة وأنت تتفاداها الواحد تلو الآخر..

ولا بد للمسؤولين أن ينتبهوا لذلك.. وإلا خرجت علينا قصصاً مشوهة.. تضر أطفالنا أكثر مما تنفعهم.. مثل قصة (أخي إرهابي) المذكورة أعلاه..

 

حمى الله أطفالنا وأطفالكم من كل سوء.. ورزقهم النضج والاعتدال في تفكيرهم ومنهجهم..

 

 

 

 

 

 

 
8 تعليقات

نشر بواسطة: في 17 ديسمبر 2015 بوصة Uncategorized, طفولة

 

أطفالنا واليوتيوب: ماذا نفعل لحمايتهم؟


ipad-kids

متى آخر مرة شاهد فيها ابنك اليوتيوب؟ أو طلب منك ذلك؟

أعتقد أن أغلب الإجابات ستكون: اليوم، أو أمس، أو قبل قليل، أو أنه يشاهد اليوتيوب في هذه اللحظة!

اليوتيوب سَحَرَ الجميع، الكبار قبل الصغار، ولكنه تمكن من اجتذاب الصغار بشكل رهيب نظراً للمحتوى الهائل والمتعدد الذي يقدمه للأطفال.

ومع أن المحتوى العربي على اليوتيوب لا يقارن بحجم المحتوى الأجنبي، إلا أن ما يوجد منه يشكل كماً هائلاً بحد ذاته، سواء من أفلام الكرتون، الأناشيد والأغاني، أفلام الأطفال، مقاطع الكرتون، مقاطع فيديو تتعلق بشخصيات يعشقها الأطفال، وغير ذلك، فمثلاً إن بحثت بكلمة “أفلام أطفال” ستظهر لك 94 ألف نتيجة، وإن بحثت عن “أناشيد أطفال” ستظهر لك 308 آلاف نتيجة، واسم قناة “طيور الجنة” يُظهر لك أكثر من 515 ألف نتيجة! وكلمة “كرتون” تأتي بأكثر من 600 ألف نتيجة، أما اسم قناة “إم بي سي ثري” فسيأتيك بأكثر من 700 ألف نتيجة!

المشكلة تكمن هنا في أن اليوتيوب تم تصميمه ليكون موجهاً للكبار، وليس للصغار، فالعمر الأدنى المسموح به لاستخدام اليوتيوب من إدارة اليوتيوب نفسها هو 13 سنة، ولذلك فإن هذا الكم الهائل من المحتوى الموجه للأطفال محاط بمحتوى أكبر وأضخم منه موجه للكبار، بما في ذلك كم كبير من المواد التي لا تصلح للأطفال ولها تأثير سيء عليهم، مثل مقاطع الفيديو التي تعرض محتوى يروج لأخلاقيات شاذة ومعتقدات غريبة ، محتوى يروج لاستخدام المخدرات أو الكحول، أو التدخين، المحتوى الذي يعرض الجنس، المحتوى الذي يروج للعنف، عمليات جراحية، عمليات ولادة، جثث، مقاطع كوارث، وغيرها.

وإن وضعنا ذلك جنباً إلى جنب مع الفضول الذي يميز أغلب الأطفال ويدفعهم للحركة هنا وهناك في كل الاتجاهات التي لا يمكن حتى توقعها، بالتالي، حينما يبدأ الطفل باستخدام اليوتيوب بمشاهدة مقطع أناشيد مثلاً، هل يمكنك أن تجزم أين سيكون بعد ربع أو نصف ساعة؟

 

إن بدأ ابني بمشاهدة كرتون، فسيستمر بمشاهدة الكرتون فقط، أليس كذلك؟

هذا غير صحيح، من الخطأ ما يعتقده البعض أن مقاطع الفيديو المقترحة في اليوتيوب تظهر حسب المقطع المعروض وبالتالي فإن عرض الطفل لمقطع كرتوني سيبقيه في عالم مقاطع الكرتون، اليوتيوب يظهر المقاطع المقترحة حسب كلمات بحثية بشكل ميكانيكي بحت، فلو كان مقطع الكرتون يتحدث عن “مقلب” مثلاُ، فستكون من ضمن الفيديوهات المقترحة مقاطع فيديو مقالب للكبار، وإن كان في أحد هذه المقاطع مقلب يتعلق بالعري مثلاً فسيأخذه هذا المقطع إلى مجموعة مقاطع كلها عن العري.. وهكذا.. أي أن الطفل الذي يشاهد ذلك الكرتون هو على بعد (نقرتين) فقط من محتوى يضره بشدة.

 

إذن، ماذا أفعل لكي أحمي أطفالي من خطر اليوتيوب؟

المنع من الوسائل المجدية، وهو أسلوب تربوي مناسب، حتى يصل الطفل إلى عمر أكبر ويزداد وعيه ليتمكن من التعامل بشكل أفضل مع هذا التقنية، ولكن المنع لم يعد مجدياً على الأغلب، خصوصاً مع انتشار الأجهزة المحمولة في كل مكان، فإن حجبت اليوتيوب عن ابنك بحيث لا يعرف أصلاً ما هو اليوتيوب، سيأتيك بعد وقت قريب يسأل عن هذا اليوتيوب بعد أن شاهده مع عمه أو خالته او ابن الجيران أو حتى في هاتف جده.

وحقيقة لا يمكن حجب المخاطر تماماً عن الأطفال، وهذا باعتراف أصحاب اليوتيوب أنفسهم، ولكن يمكن التقليل من مخاطر اليوتيوب بشكل كبير باتباع بعض الخطوات، كما يلي:

أولاً: قم بإنشاء حساب على اليوتيوب:

يلاحظ أن أغلب مستخدمي اليوتيوب يستخدمونه بشكل عام من دون حساب مخصص، وهذا يفقد الوالدين السيطرة على ما يعرض على اليوتيوب، ولذلك فإن من المهم للغاية إنشاء حساب، حيث يتيح إنشاء الحساب وضع بعض الضوابط على ما يتم عرضه، ويكون هذا الحساب مخصص للأطفال فقط، حتى لا يقوم أحد الوالدين بتغيير خصائصه لغرض ما ثم ينسى أن يعيده كما كان.

ومن الأفضل إنشاء الحساب على جهاز كمبيوتر، وبعد ضبط خصائصه يتم استخدام هذا الحساب في الدخول على برنامج اليوتيوب في الجهاز المحمول الذي يستخدمه الأطفال، أو حتى على نفس جهاز الكمبيوتر.

عند إنشاء الحساب، يتم ضبط الخصائص التالية:

  1. ضع أقل عمر للمستخدم: يتم وضع عمر المستخدم أقل ما يمكن، وهو 13 عاماً.
  2. اختر دولة عربية حتى لو كنت تعيش في دولة أجنبية: بعد الرجوع للصفحة الرئيسية، وبالنزول إلى أسفل الصفحة تماماً سنجد هناك مكاناً لاختيار الدولة، يتم وضع اختيار الدولة على إحدى الدول التي تتميز بكونها محافظة عن غيرها، لأن اختيار الدولة يؤثر على نوعية الإعلانات التي ستظهر للأطفال عند استعراضهم لليوتيوب، فاختيار دولة مثل السعودية مثلاً سيجعل أغلب الإعلانات التي تظهر هي لشركات سعودية، في حين اختيار دولة أمريكا سيجعل أغلب الإعلانات التي تظهر إعلانات أمريكية، بما في ذلك إعلانات الكحول مثلا، والإعلانات التي تستخدم النساء بشكل مبتذل، وغيرها.

وهناك خدعة جميلة في اختيار الدولة تفيد في تقليل الإعلانات، وهو اختيار دولة سوقها في الإعلان على اليوتيوب ضعيف، فالسعودية مثلاً نشطة في الإعلان على اليوتيوب، على عكس دولة اليمن التي لا يزال سوقها الإعلاني ضعيفاً على اليوتيوب (خصوصاً في ظل الأزمة الأمنية الأخيرة)، وقد اخترت دولة اليمن على سبيل التجربة واستعرضت أكثر من ثلاثين مقطع فيديو متواصل بدون أن يظهر لي أي إعلان.

  1. قم بتفعيل خاصية العرض الآمن: بجانب مكان الدولة، هناك أقوى خيار في حماية الأطفال من المحتوى السيء على اليوتيوب، وهو تفعيل خاصية العرض الآمن.

حينما يتم تفعيل وضع الأمان، سيقوم اليوتيوب بما يلي:

  1. لا يقوم اليوتوب بعرض مقاطع الفيديو المصنفة على أنه للكبار، سواء لمحتوى جنسي، أو عنف، أو غير ذلك.
  2. لا يتم أيضاً عرض هذه الفيديوهات كمقترحات للمشاهد، والتي تظهر بعد الانتهاء من مشاهدة مقطع فيديو، أو كروابط مشابهة والتي تظهر على جانب الصفحة.
  3. يقوم بتطبيق الرقابة على البحث، بحيث يتحكم في نتائج البحث على اليوتيوب، كما يمنع الاستجابة لبعض كلمات البحث تماما.

ولكن علينا أن نعلم أن خطوة إنشاء الحساب، وضبطه، وتفعيل خاصية العرض الآمن لا تعني أن الطفل محمي بشكل كامل، حيث أن محتوى اليوتيوب متجدد بشكل رهيب، ولا يمكن مراقبة وتصنيف كل شيء على الفور، حيث أن نظام تصنيف المحتوى في اليوتيوب يعتمد على تصنيف من وضع الفيديو بالدرجة الأولى، ثم يعتمد على اعتراضات وردود أفعال المستخدمين، وما يحصل أنه هناك من يضع محتويات إباحية مثلاً ويصنفونها على أنها مناسبة للأطفال، ويأخذ هذا المحتوى بعض الوقت حتى تنتبه له إدارة اليوتيوب وتزيله، وأحياناً تبقى بعض  مقاطع الفيديو المخلة التي لا ينتبه لها من يعترض عليها، وبالتالي تبقى في عالم اليوتيوب.

إضافة إلى ذلك فإن تصنيف اليوتيوب لما هو مناسب وغير مناسب للأطفال يعتمد على مبادئ وقيم لا تتوافق تماماً مع مبادئنا وقيمنا، وبالتالي فقد يتم تصنيف مقاطع فيديو على أنها مناسبة للأطفال في حين أننا نشعر بالضيق حينما يراها أطفالنا.

ولأجل ذلك، هناك خطوات أخرى تقلل قدر الإمكان من احتمالية استعراض الأطفال لمحتوى لا نراه مناسباً لهم.

 

اشترك في قنوات يحبها ابنك

هل يحب ابنك أفلام الكرتون؟ الأناشيد؟ تابع ماذا يحب ابنك أن يشاهد على اليوتيوب واشترك في تلك القنوات، ثم أرشد ابنك على أن يستعرض اليوتيوب من مكان القنوات، واشترك في الكثير من القنوات بشكل مستمر حتى لا يشعر ابنك بالملل منها. هذا لن يمنعهم من تصفح محتوى آخر، ولكنه سيزيد من استعراضهم لهذا المحتوى نسبياً والابتعاد عن غيره.

ولجعل موضوع القنوات عملياً أكثر، يمكن للوالدين فتح الحساب المخصص للأطفال على أجهزتهم، والاشتراك في القنوات مباشرة، وستظهر هذه القنوات على أجهزة أطفالهم تلقائياً بما أنها تستخدم نفس الحساب.

 

لتكن شاشة جهازه في مجال الرؤية

من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الوالدان هو توفير جهاز محمول لابنهم، ثم السماح له بقضاء وقت طويل على هذا الجهاز في غرفته والباب مغلق، ولا أحد يدري ماذا يفعل الابن بالضبط، ماذا يرى، ماذا يشاهد، (أو حتى مع من يتواصل، أو يتحدث، الخطر هنا أكبر من مجرد مشاهدة اليوتيوب).

وبالتالي، لا بد من وضع نظام صارم في استخدام الأجهزة المحمولة أن يتم استخدامها في الأماكن المفتوحة في المنزل التي يتواجد فيها الوالدين، كالصالة مثلاً، أو المطبخ (حينما تعمل الأم في المطبخ لفترة طويلة)، قد يجد هذا النظام معارضة من الطفل، خصوصاً إن كان على أعتاب مرحلة المراهقة، ولكن الموضوع بحاجة لمعالجة وحسم، التفكير فقط في العواقب الوخيمة لانفراد الطفل بالجهاز سيجعل الوالدين يطبقان هذا القانون بكل صرامة.

 

تكلم مع ابنك

أطفالنا يكبرون، قد يكونون في صغرهم يطبقون القوانين حرفياً، وتحكمهم البراءة، ولكن سنة بعد سنة يزداد إدراكهم، وتتغير ميولهم، ولا يمكن الاستمرار في ضبط كامل تفاصيل حياتهم، سيقضون وقتاً أطول بعيداً عن المنزل، في المدرسة، وفي منازل الأعمام والأخوال والأقرباء، ثم في منازل الأصدقاء، بعيداً عن رقابة الوالدين.

وبالتالي، فمن المهم تنمية الرقابة الذاتية لديهم، من المهم أن نتحدث ونتحاور معهم، أن نفهم ماذا يريدون، وأن نعلمهم قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، أن نزرع فيهم الوازع الديني الذي يضبط تصرفاتهم، وأن ننمي لديهم الرقابة الذاتية شيئاً فشيئاً..

تنمية الوازع الديني والرقابة الذاتية يبدأ بجرعات خفيفة وغير مباشرة من أولى سنوات الإدراك، ثم يزداد، ويصبح أكثر مباشرة مع اقتراب الابن من سن المراهقة، حتى يصبح الحوار مباشراً وناضجاً في سن المراهقة وما بعدها.

 

اليوتيوب به أطنان من الفائدة!

وهذا صحيح، علينا ألا نجعل الحديث السلبي عن اليوتيوب يبعدنا عن جوانبه الإيجابية، اليوتيوب أصبح من مصادر المعرفة التي لا يستعان بها، لو كان ابنك يعشق الرسم فقم بإرشاده إلى مقاطع اليوتيوب التي تشرح له أسس الرسم والتلوين وفنونه، إن كان ابنك يعشق التصوير فهناك كم هائل من مقاطع الفيديو التي تشرح كل صغيرة وكبيرة في عالم التصوير، وغير ذلك.

اليوتيوب اختصر الكثير من المعرفة لأطفالنا، وبإمكانهم الآن أن يصبحوا محترفين ومتقدمين في الكثير من الفنون وهم لا يزالون في سن مبكرة، فهناك عالم ضخم من المعرفة المهولة على بعد لمسة اصبع.. فقط!

 

 

 

 

 
10 تعليقات

نشر بواسطة: في 26 جويلية 2015 بوصة تقنية, طفولة